مذهب البخاري في الحديث قد أصبح الباحثون واشتهر لديهم أن للبخاري مذهبا قد اختص به نفسه من بين القدماء من المحدثين، فيقول لذلك، الدكتور المليباري من الجزائر في المؤتمر الدولي حول حياة الإمام البخاري الذي انعقد بسمرقند: «... في ضوء الواقع العلمي لتطبيقات النقاد، وممارساتهم العملية في مجال نقد الأحاديث، ورواتها، ولهذا ظهرت التعاريف التي استقر عليها المتأخرين غير وافية لمدلول المصطلحات المتداول لدى المتقدمين،... وقد تتبعت كلام الإمام البخاري فوجدت فيه إطلاق الحسن على الصحيح، وعلى الضعيف الذي لم يكن مردودا ولا منكرا، وعلى المتوسط بينهما، أي بين الحديث الصحيح والحديث الضعيف، لكن استخدام مصطلح الحسن في المقبول الذي لم يرتق إلى مستوى الصحيح ولم ينزل إلى درك الواهي المردود أكثر مما سواه (1)».
وكان البخاري يعتمد في الحديث على الحفظ دون الكتابة والضبط، ولذلك قالوا: إنه لا يكتب الحديث عند سماعه من الشيخ! وقال محمد بن الأزهر السجستاني:
«كنت في مجلس سليمان بن حرب والبخاري معنا يسمع ولا يكتب، فقيل لبعضهم: ما له لا يكتب؟ فقال: يرجع إلى بخارى ويكتب ما حفظه» (2). وقد صح عنه «أنه قال: رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر. قال:
فقلت له: يا أبا عبد الله! بكماله؟ قال: فسكت»! (3) ومن ثمرات عدم كتابته للحديث تصرفاته الكثيرة في متون الروايات بالزيادة والنقيصة في ألفاظها.
هذا، وإن كانوا يسمونه ب «النقل بالمعنى» إلا أنهم يعلمون، أن النقل بالمعنى