النكاح بغير شاهدين، فإن تزوج بشهادة محدودين جاز، وإن تزوج بشهادة عبدين لم يجز. وأجاز شهادة المحدود والعبد والأمة لرؤية هلال رمضان». (1) والبخاري: أخذ في ترجمته لهذا الباب - مع تطويلها - شواهد على تثبيت قبول شهادة الفاسق بعد رجوعه من الفسق بالتوبة.
ويظهر من إطالته للترجمة واتخاذه الشواهد من القرآن، والحديث، وعمل الأصحاب والتابعين من بعدهم: أن المسألة عنده مهمة!
بيان ذلك: أن الآية الكريمة: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا). (2) وإن كانت دليلا لكلتا الطائفتين ولم يختلف فيها أحد من العلماء، (بأن الفاسق إن كان بسبب غير القذف تقبل شهادته، إن تاب وعرفت توبته). إلا أن في الفاسق بسبب القذف، فإنه قد خالف فيه أبا حنيفة لقبول شهادته إذا تاب، لأنه يعتبر أن الاستثناء في الآية عائد إلى أقرب مذكور، فالتوبة ترفع الفسق، ولكنها لا تؤثر في قبول الشهادة. أعني أن رد الشهادة والثمانين جلدة تكونان حدا للقاذف منضمين، وكما أن التوبة لا تسقط الحد، فكذا لا تسقط رد الشهادة، وقد أيد المنع بقوله تعالى: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا).
وأما الجمهور، فقد جعل الاستثناء عائدا إلى رد الشهادة والفسق، فبالتوبة تقبل الشهادة ويرتفع الفسق.
وقد صدر البخاري ترجمته بالآية الكريمة ليشير إلى الاختلاف في فهم الآية، ثم أيد مذهبه فيها بما رواه عن عمر، وبعض التابعين.