المعدن.
والمعدن بقول النبي (صلى الله عليه وآله): «جبار»، (أي: الهدر الذي لا شيء فيه)، بخلاف الركاز، لأن الخمس يتعلق في قليله وكثيره.
نظرية الحنفية يرى أبو حنيفة - كما حكاه البخاري - تعميم معنى الركاز ليشمل حتى المعادن أيضا، لأنه أفتى بوجوب إخراج الخمس من المعدن، أو المال الموهوب، أو الربح، أو الثمرة، والذي ينبت بالأرض. (1) فالبخاري - مع كلامه هذا - ألزم أبا حنيفة بأن المعدن لو كان ركازا ووجب إخراج خمسه، فكيف أباح لمن وجده أن يكتمه ولا يؤدي منه شيئا؟ وهذه مناقضة ظاهرة!
قال الطحاوي، عن أبي حنيفة: «إنه قال: من وجد ركازا فلا بأس أن يعطي الخمس للمساكين، وإن كان محتاجا جاز له أن يأخذه لنفسه».
قال: «وإنما أراد أبو حنيفة أنه تأول أن له حقا في بيت المال، ونصيبا في الفيء، فلذلك له أن يأخذ الخمس لنفسه عوضا عن ذلك». (2) وهذا هو معنى قوله: «لا بأس أن يكتمه وعدم تأديته الخمس».
نعم! كما قيل: «الخلاف في تفسير الركاز خلاف قديم بين أهل المدينة وأهل الكوفة»، كما ذكره محمد بن الحسن في كتابه: (في الرد على أهل المدينة)، وقال: «إنما الركاز ما وجد في المعدن وإنما المال المدفون جعل نظير المال يستخرج من المعدن» (3).
ولكن أين هذا المعنى من كتمانه، وعدم تأديته الخمس؟
وقال مؤلف كتاب الاتجاهات الفقهية: «حكى البخاري رأي أبي حنيفة، ثم ألزمه بأن المعدن لو كان ركازا - لأنه يقال: أركز المعدن إذا خرج منه شيء - لأدى ذلك إلى