وقال سعيد حوى في كتاب «الأساس في السنة»: «ويكفي أنه إمام أهل الكوفة في الفقه، وعن مدرسته انبثقت مدرسة الحنفية، أوسع المدارس الفقهية وأكثرها انتشارا وأبعدها تأثيرا في تاريخ القضاء والفتيا، وكان له اجتهاد يخالف اجتهاد عثمان في إبقاء القراءات المأثورة على غير حرف قريش، الذي كتب به مصحف عثمان، ولم يحرق مصحفه». (1) و جاء في مقالة بعض زعماء المعتزلة: «غلط أبي حنيفة في الأحكام عظيم لأنه أضل خلقا، وغلط حماد بن أبي سليمان أعظم من غلط أبي حنيفة، لأن حمادا أصل أبي حنيفة الذي تفرع منه، وغلط إبراهيم أغلظ وأعظم من غلط حماد، لأنه أصل حماد، وغلط علقمة والأسود أعظم من غلط إبراهيم، لأنهما أصله الذي عليه اعتمد، وغلط ابن مسعود أعظم من غلط هؤلاء جميعا، لأنه أول من بدر إلى وضع الأديان برأيه، وهو الذي قال: أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني.
واستأذن أصحاب الحديث على ثمامة بخراسان حيث كان مع الرشيد بن المهدي، فسألوه عن كتابه الذي صنفه على أبي حنيفة في اجتهاد الرأي؟ فقال: لست على أبي حنيفة كتبت ذلك الكتاب، وإنما كتبته على علقمة والأسود وعبد الله بن مسعود، لأنهم الذين قالوا بالرأي قبل أبي حنيفة».
وثمامة بن أشرس أبو معن النميري البصري، وقال عنه الذهبي: «من كبار المعتزلة، ومن رؤوس الضلالة، له اتصال بالرشيد، ثم بالمأمون». (2) ذم القياس والرأي أورد المحدثون في كتبهم أخبارا عن ذم الرأي، والحنفية لما اشتهروا باستخدام الأقيسة والرأي في الدين، صاروا من أبرز مصاديق الطعن بسبب هذه الروايات.