الجنس لآن خزاعة كانوا من جملة أهل تهامة وتهامة بكسر المثناة هي مكة وما حولها وأصلها من التهم وهو شدة الحر وركود الريح زاد بن إسحاق في روايته وكانت خزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها ومشركها لا يخفون عليه شيئا كان بمكة ووقع عند الواقدي أن بديلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم لقد غزوت ولا سلاح معك فقال لم نجئ لقتال فتكلم أبو بكر فقال له بديل أنا لا أتهم ولا قومي اه وكان الأصل في موالاة خزاعة للنبي صلى الله عليه وسلم أن بني هاشم فيه الجاهلية كانوا تحالفوا مع خزاعة فاستمروا على ذلك في الاسلام وفيه جواز استنصاح بعض المعاهدين وأهل الذمة إذا دلت القرائن على نصحهم وشهدت التجربة بايثارهم أهل الاسلام على غيرهم ولو كانوا من أهل دينهم ويستفاد منه جواز استنصاح بعض ملوك العدو استظهارا على غيرهم ولا يعد ذلك من موالاة الكفار ولا موادة أعداء الله بل من قبيل استخدامهم وتقليل شوكة جمعهم وانكاء بعضهم لبعض ولا يلزم من ذلك جواز الاستعانة بالمشركين على الاطلاق (قوله فقال إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي) إنما اقتصر على ذكر هذين لكون قريش الذين كانوا بمكة أجمع ترجع أنسابهم إليهما وبقي من قريش بنو سامة بن لؤي وبنو عوف بن لؤي ولم يكن بمكة منهم أحد وكذلك قريش الظواهر الذين منهم بنوا تيم بن غالب ومحارب بن فهر قال هشام ابن الكلبي بنو عامر بن لؤي وكعب بن لؤي هما الصريحان لا شك فيهما بخلاف سامة وعوف أي ففيهما الخلف وقال وهم قريش البطاح أي بخلاف قريش الظواهر قد وقع في رواية أبي المليح وجمعوا لك الأحابيش بحاء مهملة وموحدة ثم شين معجمة وهو مأخوذ من التحبش وهو التجمع (قوله نزلوا أعداد مياه الحديبية) الاعداد بالفتح جمع عد بالكسر والتشديد وهو الماء الذي لا انقطاع له وغفل الداودي فقال هو موضع بمكة وقول بديل هذا يشعر بأنه كان بالحديبية مياه كثيرة وأن قريشا سبقوا إلى النزول عليها فلهذا عطش المسلمون حيث نزلوا على الثمد المذكور (قوله ومعهم العوذ المطافيل) العوذ بضم المهملة وسكون الواو بعدها معجمة جمع عائذ وهي الناقة ذات اللبن والمطافيل الأمهات اللاتي معها أطفالها يريد أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الإبل ليتزودوا بألبانها ولا يرجعوا حتى يمنعوه أو كنى بذلك عن النساء معهن الأطفال والمراد أنهم خرجوا معهم بنسائهم وأولادهم لإرادة طول المقام وليكون أدعى إلى عدم الفرار ويحتمل إرادة المعنى الأعم قال بن فارس كل أنثى إذا وضعت فهي إلى سبعة أيام عائذ والجمع عوذ كأنها سميت بذلك لأنها تعوذ ولدها وتلزم الشغل به وقال السهيلي سميت بذلك وإن كان الولد الذي يعوذ بها لأنها تعطف عليه بالشفقة والحنو كما قالوا تجارة رابحة وأن كانت مربوحا فيها ووقع عند ابن سعد معهم العوذ المطافيل والنساء والصبيان (قوله نهكتهم) بفتح أوله وكسر الهاء أي أبلغت فيهم حتى أضعفتهم إما أضعفت قوتهم وإما أضعفت أموالهم (قوله ماددتهم) أي جعلت بيني وبينهم مدة يترك الحرب بيننا وبينهم فيها (قوله ويخلوا بيني وبين الناس) أي من كفار العرب وغيرهم (قوله فان أظهر فإن شاءوا) هو شرط بعد الشرط والتقدير فإن ظهر غيرهم علي كفاهم المؤنة وإن أظهر أنا على غيرهم فإن شاءوا أطاعوني وإلا فلا تنقضي مدة الصلح إلا وقد جموا أي استراحوا وهو بفتح الجيم وتشديد الميم المضمومة أي قووا ووقع في رواية ابن إسحاق وأن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة وإنما ردد الامر مع أنه جازم بأن الله تعالى سينصره ويظهره لوعد الله
(٢٤٦)