بتبليغ من بعدهم ما شهدوا منه، لأنه لو كان كذلك لكان فيه قدحا في الرسالة. وكفى بمن عدله رسول الله شرفا! وإن من بعد الصحابة ليسوا كذلك، لأن الصحابي إذا أدى إلى من بعده يحتمل أن يكون المبلغ إليه منافقا أو مبتدعا ضالا ينقص من الخبر أو يزيد فيه، ليضل به العالم من الناس، فمن أجله ما فرقنا بينهم وبين الصحابة، إذ صان الله عز وجل أقدار الصحابة عن البدع والضلال!).
وقال في: 1 / 34: (ذكر بعض السبب الذي من أجله منع عمر بن الخطاب الصحابة من إكثار الحديث: حدثنا عمر بن محمد الهمداني قال:... عن قرظة بن كعب قال: خرجنا نريد العراق فمشى معنا عمر بن الخطاب إلى صرار فتوضأ ثم قال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا: نعم نحن أصحاب رسول الله (ص) مشيت معنا. قال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث، جردوا القرآن، وأقلوا الرواية عن رسول الله (ص)، إمضوا وأنا شريككم! فلما قدم قرظة قالوا: حدثنا قال: نهانا عمر بن الخطاب!
قال أبو حاتم: لم يكن عمر بن الخطاب - وقد فعل - يتهم الصحابة بالتقول على النبي (ص) ولا ردهم عن تبليغ ما سمعوا من رسول الله، وقد علم أنه قال: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، وأنه لا يحل لهم كتمان ما سمعوا من رسول الله، ولكنه علم ما يكون بعده من التقول على رسول الله، لأنه قال: إن الله تبارك وتعالى نزل الحق على لسان عمر وقلبه! وقال: إن يكن في هذه الأمة محدثون فعمر منهم! فعمر من الثقات المتقين، الذين شهدوا الوحي والتنزيل، فأنكر عليهم كثرة الرواية عن النبي ( ص)!! انتهى.
* *