تحريما مشددا، إلى حد أن الوالي الذي يرويها يتعرض لغضب الخليفة وعقوبته عزله، حتى لو كان من وزن حذيفة أمين رسول الله صلى الله عليه وآله! فسياسة عمر كانت التغطية المشددة على الممدوحين والملعونين على لسان النبي صلى الله عليه وآله!!
أما الحديث الذي نسبته الرواية إلى النبي صلى الله عليه وآله عن لسان سلمان رحمه الله (إن رسول الله (ص) كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه)! فسوف تعرف أنه موضوع وأن النبي صلى الله عليه وآله لا ينطق عن الهوى وأن الملعونين على لسان الأنبياء عليهم السلام محكوم عليهم من الله تعالى بالطرد الأبدي من رحمته لعصيانهم وطغيانهم، وأن اللعن الإلهي لا يمكن رفعه.
بل يفهم من الآيات والأحاديث أن لعنة الأنبياء عليهم السلام تجري في ذرية الملعون إلى يوم القيامة، فهو يبلغ حدا ينضب صلبه من الخير ويختار أولاده طريق الشر!
وهذا ما يفسر لنا تشاؤم العرب من الملعون، فقد تشاءم عمر من ناقة لعنها بدوي! فكيف بمن لعنه رسول الله صلى الله عليه وآله؟! روى في كنز العمال: 3 / 877 ( عن أبي عثمان قال: بينما عمر يسير ورجل على بعير له فلعنه، فقال من هذا اللاعن؟ قالوا: فلان قال: تخلف عنا أنت وبعيرك، لا تصحبنا راحلة ملعونة)!!
إن رواية أبي داود وأمثالها تدل على أن السبب الحقيقي في منع كتابة الحديث النبوي والتحديث، هو التغطية على الذين غضب عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله ولعنهم، والتغطية على من مدحهم وأمر الصحابة والأمة باتباعهم! وهذا واضح من قوله: (حتى تورث رجالا حب رجال، ورجالا بغض رجال، وحتى توقع اختلافا وفرقة)، وأن الموضوع يتصل بأناس من وزن أهل البيت عليهم السلام ورجال السلطة كعمر وأبي بكر! وهذا يستوجب إعادة النظر في أصل شرعية السلطة وشخصياتها!!
* *