لقد اشتهرت مناظراته حتى صارت مصدرا للعرفان بين العلماء. وكان مرجعا للعلماء في كل معضلة لا يجدون لها جوابا. ومناظراته تدل على عنايته بعلوم الكلام.
لقد حمل المعتزلة ذلك العبء وعدوا الصادق من أئمتهم، لكن آراءه لم تكن متلاقية من كل الوجوه مع آرائهم. بل كان غير مقيد بنحلة أو فرقة وكان فوق تنازع الفرق. وهو القائل الحق سواء صادف رأي المعتزلة أو رأي غيرهم.
ومنهاج الصادق الالتزام بالكتاب والسنة وتأييد الحقائق التي اشتملت عليها نصوصهما بالعقل والمنطق السليم، وكان من أبرز أئمة عصره في علوم الاسلام يؤخذ عنه وتشد إليه الرحال لطلبها.
صفاته النفسية والعقلية:
اتصف الصادق بنبل القصد وسمو الغاية والتجرد في طلب الحقيقة من كل هوى أو غرض من أغراض الدنيا، وطلب الحق لا يبغي به بديلا.
يقول الإمام مالك: لقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على إحدى ثلاث خصال: إما مصليا وإما صائما وإما يقرأ القرآن. وما رأيته قط يحدث عن رسول الله إلا على طهارة، ولا يتكلم فيما لا يعنيه.
كان ورعا ولم يكن ورعه قائما على تحريم ما أحل الله، وكان يحب الظهور أمام الناس بالملبس الحسن ويخفي تقشفه تطهيرا لنفسه من كل رياء.
ولم يكن يخشى أحدا في سبيل الله تعالى لم يكن يخشى أميرا لإمرته ولا العامة لكثرتهم. كان يدرك الحق من غير عائق. حاضر البديهة، تجيئه إرسال المعاني في وقت الحاجة إليها من غير حبسة في الفكر ولا عقدة في اللسان.
كان شجاعا أمام الأقوياء ذوي السلطان والجبروت، وقد عمر قلبه بالإيمان.
كما كان شجاعا بوجه من يدعون أنهم من أتباعه من الذين يحرفون الكلم عن مواضعه. فكان يريهم الصواب ويصحح لهم الخطأ حتى إذا لم ينفع ذلك أعلن البراءة