اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك وبرك فوالله لا قبلت قول أحد فيك بعدها أبدا.
وخرج الإمام إلى حرم جده في المدينة المنورة، وهو إذ ذاك شيخ قد جاوز الخامسة والستين، وأقام بالمدينة لا يبرحها، يعلم الناس ويفقهم، ويواصل وضع أصول الفقه ويشرع للفقهاء كيف يستنبطون الأحكام عندما لا يجدون الحكم في الكتاب أو السنة.
وفي الثامنة والستين مات الإمام الصادق.
وعندما عرف الخليفة المنصور أخذ يبكي حتى اخضلت لحيته، وهو يقول: إن سيد الناس وعالمهم وبقية الأخيار منهم توفي، إن جعفر ممن قال الله فيهم: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا.
مات الإمام جعفر الصادق إمام الشيعة وشيخ أهل السنة بعد أن ترك ثروة من الفقه والعلم والتأملات، وأنشأ في الحياة الفكرية تيارا جديدا خصبا أعلى فيه العقل والنظر والتأمل والعلم، وجمع المعارف كلها وعلوم الدنيا والدين.
عادت النفس مطمئنة إلى ربها راضية مرضية، وقد خلف الإمام في كل البلاد مئات الفقهاء السنيين يروون عنه ويعلمون الناس فقهه وشروحه وآراءه، فضلا عن الفقهاء الشيعة. توفي الإمام جعفر الصادق الذي درس عليه الإمام مالك وروى عنه أبو حنيفة النعمان وتعلم منه، وصحبه سنتين كاملتين قال عنهما أبو حنيفة النعمان: لولا السنتان لهلك النعمان.
ومنها قول المستشار الجندي وهو الفاضل المعاصر المستشار عبد الحليم الجندي في " الإمام جعفر الصادق " (ص 63 ط المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية، القاهرة) قال: