الذي قال: من يطلب الرياسة هلك.
ولكن ليس معنى ذلك أنه لم يكن له رأي في السياسة أو أنه اعتزلها وتحاماها.
تقول الإمامية: إن الصادق إمام فكيف لا يفكر في السياسة أو في شؤونها. وغير الإمامية لا يستطيعون أن ينفوا عنه الرأي السياسي الخاص، ولكنه لم يكن رأيه في حكم الأمويين كرأي من لا يوافق على حكمهم، كما أنه لم يكن راضيا عن حكم المنصور، وكان المنصور يتصور أن الصادق ناقم على حكم العباسيين لذلك كان في وضع المتشكك منه دوما، كما كان يتوجس منه الخيفة كلما رأى تزايد التفاف الناس حوله، فكان يبث حوله العيون والأرصاد لمعرفة حركاته.
كما كان المنصور حريصا على أن لا يدع الصادق يشعر بثقل الرقابة المفروضة عليه. بل كان يدعوه للقائه كلما ذهب إلى الحج.
ولما بلغ الشك عند المنصور غايته استدعى الصادق إلى بغداد وناقشه في شكوكه، ومن ثم تكررت الدعوة كلما تفاقم الشك.
والثابت أن الصادق لم يخض مع الخائضين في حركة الإمامين محمد وإبراهيم أولاد عمومته.
وكان الصادق يرى أن الخروج يؤدي إلى فتن، والفتن تضطرب فيها الأمور وتكون الفوضى. وقد رأى النتائج التي حدثت في عهده، واستعرض ببصيرته ما حل بآل البيت وتخاذل الأتباع وما نزل بأهل المدينة من شر وبلاء فانصرف إلى العلم ووجد فيه السلوان.
ولما خرج محمد بن عبد الله أيام المنصور كان الصادق يرى أن هذا الخروج فتنة، وقد صرح قائلا: إنها فتنة يقتل فيها محمد عند بيت رومي ويقتل أخوه لأمه وأبيه في العراق وحوافر فرسه في الماء. أو قيل: إنه يقتل على أحجار الزيت ثم يقتل من بعده أخوه. وأحجار الزيت موضع في المدينة قرب المسجد عند السوق قريب من الزوراء وهو موضع صلاة الاستسقاء.