قال: هذا الحديث أردت. أي البلاد أحب إليك؟ فوالله لأصلن رحمي إليكم.
قلنا: المدينة. فسرحنا إلى المدينة، وكفى الله مؤنته.
وقال في ص 98:
لقد أخطأ معاوية في إقامة دولته وفي حربه. وكان لزاما أن يقوده خطؤه إلى أن يجعل الدولة " هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل ". فيكون ابنه يزيد أشأم وألام خلف لسلف. لكن أحدا لا يتنازع في أن دولته - وإن لم تمثل دولة الدين - قد انتشرت في البر والبحر ونشرت الاسلام وجاهد في غزواتها الصحابة وبنوهم والعلماء والفقهاء، بل غزا وجاهد فيها بين جيوش المسلمين أبو الشهداء الحسين بن علي، في فتح أفريقية وغزو جرجان وطبرستان والقسطنطينية.
ومعاوية هو الذي مهد لدولة ابن عمه مروان بن الحكم.
و عبد الملك بن مروان هو المؤسس الحقيقي للدولة المروانية التي أينعت فروعها بالأندلس وأبقت الاسلام في أوربا ثمانمائة عام، لتهيئ للحضارة الحديثة أن تنطلق من جامعات الأندلس وجوامعها، وهو عم عمر بن عبد العزيز وصهره.
وعمر: خامس الراشدين في مدة خلافته الذي كتب لعامله على المدينة يوم ولي الخلافة: اقسم في ولد فاطمة رضوان الله عليهم عشرة آلاف دينار فقد طالما تخطتهم حقوقهم. وقال معلنا حق علي وباطل بني أمية ومروان (كان أبي إذا خطب فنال من علي تلجلج. فقلت: يا أبت إنك تمضي في خطبتك فإذا أتيت على ذكر علي عرفت منك تقصيرا؟) قال: أو فطنت إلى ذلك؟ يا بني إن الذين حولنا لو يعلمون من علي ما نعلم تفرقوا عنا إلى أولاده.
لكن أبا جعفر كان أثقل الثلاثة حملا. إذا كان معاوية و عبد الملك قد سبقاه ففصلا بين الدين والدولة فجزءا نظرية الدولة الاسلامية، وكان هو قد سار على الدرب الذي اختطاه، إن المعارك التي خاضها من أجل دولته كانت أوسع مدى.