الظروف. والأصل في التقية هو قول الله تعالى (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين.. ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة).
وكان الخليفة المنصور قد غالى في القسوة على مخالفيه، ومنهم بعض آل البيت من العلويين والإمام الصادق يسكت تقية، ولكنه آثر مع ذلك أن ينصح الخليفة بالحسنى فقال له: عليك بالحلم فإنه ركن العلم. فإنه كنت تفعل ما تقدر عليه كنت كمن أحب أن يذكر بالصولة. واعلم أنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلا العدل.
وهكذا مضى الإمام الصادق يؤدي دوره في تنوير الناس حكاما ومحكومين..
والخصومة تشجر حول القضاء والقدر، والجبر والاختيار، فيقول الإمام للناس: إن الله أراد بنا أشياء، وأراد منا أشياء، فما أراده الله بنا طواه عنا، وما أراده أظهره لنا. فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا.
وكان هذا لا يروق للطبقة الحاكمة، ولا للمتنطعين والمرتزقة من المنتسبين إلى العلم والفقه.
ذهب الإمام جعفر الصادق إلى أن القول بالجبر ضد الشرع، لأنه لا حساب ولا عقاب إذا لم يكن للمرء حرية اختيار ما يفعل.
وإلا فمن أين تنبع المسؤولية إن لم تك للانسان حرية الفعل؟
وهكذا مضى الإمام الصادق بكل إيمانه بدوره، يعلم الناس بعض ما خفي عنهم من تفسير القرآن ووجد أن الأمراء والولاة يقترفون الظلم، ويأكلون ما ليس لهم من حقوق الرعية ثم يستغفرون الله، ويحسبون أن الله سيتوب عليهم، فمضى يشرح معنى الاستغفار مفسرا بضع آيات من سورة نوح (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) فالاستغفار إذن يجلب السعادة والغنى.
ولكن الاستغفار الحق ليس هو ترديد الكلمة باللسان، ولكنها توبة القلب،