من التكاليف الدينية، فأعلن البراءة منهم واتهمهم بالشرك بالله، وأثبت عليهم الكفر ودعا الناس إلى نبذهم، كان هؤلاء من المتعصبين ضعاف العقول، أو من المندسين لتشويه آل البيت أو من أعداء الاسلام وآل البيت جميعا.
على أن الإمام الصادق على الرغم من شدته على هؤلاء كان رفيقا في تعامله مع الفقهاء الذين يختلفون معه مهما تكن مذاهبهم واتجاهاتهم داعيا إلى التقريب بين الآراء، مقاوما باسلا للطائفية، ولكم بذل من جهد للقضاء على الخصومة في الدين، وعلى التعصب بكل صوره وأشكاله.
وكان يعتمد في حواره على الأدلة العلمية، وعلى الاستقراء والاستنباط لا على المسلمات.
نادى بتحكيم العقل حيث لا يوجد حكم في الكتاب أو السنة، فبما أن هدف الشريعة هو تحقيق المصلحة للبشر، وربما أن العقل قادر على معرفة الخير والشر وتمييز الحسن من القبيح، فإن العقل يهدي إلى ما فيه المنفعة والخير فيؤخذ، وإلى ما فيه الضرر فيترك.
وهو يعتمد على العقل والتدبر ليصل المسلم إلى الإيمان.
لقد أمر الله بالعدل والاحسان ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، والعقل هو الذي يحدد الانسان كيف يجري العدل والاحسان، وكيف يقاوم الفحشاء والمنكر والبغي، وكيف ينفذ التكاليف الشرعية بما يرضى الله، وهو الذي يقر الإيمان في القلوب.
والعقل هو الذي يقود الانسان إلى معرفة ما هو مباح عندما لا يوجد نص، وإلى معرفة المصلحة التي هي هدف الشريعة ليكون تحقيق المصلحة هو أساس الحكم ومناطه.
وقد هداه نظره إلى القول بحرية الإرادة، وإلى الدفاع عن حرية الرأي التي هي أساس قدرة الانسان على تنفيذ أمر الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.