فأتوه بالرجل.
قال الصادق: تحلف أيها الرجل أن الذي رفعته صحيح؟ قال: نعم. ثم بدأ باليمين.
قال: والله الذي لا إله إلا هو الغالب الحي القيوم.
قال الصادق: لا تعجل في يمينك فإني أستحلفك. قال أبو جعفر: ما أنكرت من هذه اليمين؟
قال الصادق: إن الله تعالى حي كريم إذا أثنى عليه عبده لا يعاجله بالعقوبة. ولكن قل أيها الرجل: أبرأ إلى الله من حوله وقوته وألجأ إلى حولي وقوتي إني لصادق بر فيما أقول.
قال المنصور للرجل: إحلف بما استحلفك به أبو عبد الله.
قال راوي الخبر: فحلف الرجل، فلم يتم الكلام حتى خر ميتا. فارتعدت فرائص المنصور وقال للصادق: سر من عندي إلى حرم جدك إن اخترت ذلك، وإن اخترت المقام عندنا لم نأل جهدا في إكرامك، فوالله لا قبلت بعدها قول أحد أبدا.
وأين يذهب الفقه من إمام المسلمين، وهو الذي يوجه اليمين، ومن حقه صياغتها، وفي الصيغة ما ذكر المفتري بعظم افترائه، وبالخالق سبحانه (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا). ومن الانساني، ومن جلال مقام الإمام عند الله والناس، أن يخر صريعا من يفتري على الله وعلى الإمام، في مجلس الخليفة.
بهذه الآية هدى جبار السماوات جبارا على الأرض لا يطأطأ رأسه. فإذا حركها عندما يناوشه الذباب سأل حضاره كالمستنكر: لم خلق الله الذباب؟! وكان الصادق حاضرا يوما فأجاب: ليذل به الجبابرة.
ولئن كان في وجود الذباب في المجلس تذكرة للجبابرة ففي سقوط المفتري على الإمام بين أيديهم آية ما بعدها آية.
وكما يضمن أبو جعفر طاعة الإمام بالبغتات يصطنعها من حين لآخر، لا يتورع عن محاولة إفحام الإمام بين علماء العصر، أو تسخير أعظم علماء العراق لينصب منه شركا