أنهم أعدى الخلق لنا ولكن وأنهم لا حق لهم في هذا الأمر فوالله ما بغيت عليهم ولا بلغهم عني شئ مع جفائهم الذي كان لي فكيف أصنع هذا الآن وأنت ابن عمي وأمس الخلق بي رحما.
فقال المنصور: أظنك صادقا.
وعاد الإمام الصادق إلى المدينة مكرما.
كان ما يغيظ المنصور حقا هو فكر الإمام الصادق والتفاف الناس حوله، وتوقيرهم إياه.
والمنصور لا يجهل أن أحد كبار فقهاء العصر دخل على الخليفة وإلى جواره الصادق فما اهتم بالخليفة، وجعل كل اهتمامه بالإمام الصادق، وقال الرجل: أخذني من هيبة جعفر الصادق ما لم يأخذني من هيبة الخليفة.
على أن الصادق عاد إلى المدينة لا ليسكن، بل ليواصل دوره الثقافي الجليل. ومن عجب أن المنصور على الرغم من ضيقه بآراء الإمام ما كان يملك إلا أن يجله، ويقول عنه أنه بحر مواج لا يدرك طرفه ولا يبلغ عمقه، ولكن المنصور حاول أن يحرج الإمام الصادق فاستدعى أبا حنيفة النعمان وقال له: فتن الناس جعفر بن محمد فهيئ له من المسائل الشداد. ثم استدعى الإمام الصادق وأبا حنيفة وجلس الناس وما انفك أبو حنيفة يسأل الإمام في أربعين مسألة، والإمام يجيبه عن كل مسألة، فيقول فيها رأي فقهاء الحجاز ورأي فقهاء العراق، ورأي فقهاء آل البيت، ورأيه هو.
وطرب أبو حنيفة وقال عن الإمام جعفر: إنه أعلم الناس فهو أعلمكم باختلاف الفقهاء.
وصحبه أبو حنيفة النعمان بعد ذلك مدة سنتين يتلقى عنه العلم.
ما كان توجس المنصور وشكوكه هو كل ما يعاني منه الإمام الصادق فقد كابد تطرف بعض فرق الشيعة وسبهم للشيخين أبي بكر وعمر ولعثمان بن عفان، وشططهم في تمجيد بعض آل البيت وفي تمجيده هو نفسه إلى حد العبادة، وتحللهم