من رجال إلا هذا الصنف من الضالين وصناع الضلال.
وعرف الصادق أن ذلك الفقيه المرتزق الذي كان قد كوفئ بتعيينه واليا، ما زال يسب عليا وفاطمة ويهدد الناس إن خالفوه، والناس قد أسكتهم الخوف.
وإذ بالإمام الصادق يذهب ويستمع له ثم ينتفض مقاطعا المنافق المرتزق ويكشف للناس جهله ونفاقه، ويوضح للناس وهو يعظهم أن مثل هذا المنافق الذي يبيع شرفه وضميره بالمنصب أو بالجاه أو المال، ويبيع آخرته بدنياه، إنما هو ضال مضلل وهو أبين الناس خسرانا يوم القيامة، وأن محض افتراءاته وكشف جهله واجب.
حقا.. ما كان الإمام الصادق يستطيع أن يسكت عن كل هذا التزييف على أنه ما من شئ كان يوجع الإمام الصادق مثل انحدار الذين ينتسبون إلى العلم والثقافة والفقه والدين إلى حضيض النفاق، والمراءاة، والانحناء، وبيع الضمير.
وما كان أنشط النخاسين في التقاط من ارتضوا أن يصبحوا عبيدا وإماء.. لقد شعر الإمام الصادق منذ استشهاد عمه الإمام زيد أنه يعيش في نهاية عصر.
إنها نهاية عصر.. حقا..!
وانتهى العصر..
سقطت دولة بني أمية وأرسل الثوار إلى جعفر الصادق رسالة يطالبونه فيها أن يقبل البيعة ليصبح هو الخليفة.
وجاءته الرسالة وهو مشغول في تأملاته ودراساته وتجاربه فأحرق الرسالة ولم يرد.
كان يحلق في سماء المعرفة، يضرب في أغوار العلم، ويشعر أنه أقوى من الملك.. أي ملك في الأرض. وأنه باستمراره في دوره العلمي أنفع للناس.
كان يقول: من طلب الرياسة هلك. على أن الرياسة ظلت تطلبه وهو يرفض.
وإذ رفض الخلافة بايع الناس أبا العباس حفيد عبد الله بن عباس بن عبد المطلب