وبنو العباس هم بنو عمومة العلويين.
وتأمل الإمام الصادق فيمن يحيط بالخليفة الجديد.
لقد انتهى عصر.. هذا حق..
انتهى بكل خيره وشره، وجاء عصر جديد يتطلع فيه الناس إلى الحربة، والنظافة، والطهارة، والعدل، فإذا بالمنافقين الذين زينوا الاستبداد لبعض الأمويين وشرعوا لهم العدوان والطغيان يحيطون بأبي العباس مؤسس الدولة الجديدة، الدولة العباسية.
ومات أبو العباس، وورثه الخليفة المنصور وإذ بهؤلاء المنافقين يحيطون بالخليفة الثاني في العصر الجديد. وإذ بهم يوسوسون له بالآراء نفسها، وإذ بهم يوهمونه أنه فوق الحساب لأنه ظل الله في الأرض، حتى لقد جعلوا المنصور يحمل الناس على تقبيل الأرض بين يديه، أنهم أشباه رجال اشتهر عنهم الجهل والتخلف والغباء والحمق ووجهوا كل نشاطهم للنفاق. نفوس كريهة زرية مهينة محتقرة.
وحكم الصادق على العهد الجديد بمن يمثلونه ويفيدون منه.
أي أمل للناس في الخليفة وقد أصبحت الشورى لذوي الضمائر المتهرئة والألسنة المستهلكة؟ لقد مضوا يدعون إلى التقشف باسم الاسلام ويحببون الفقر إلى الناس باسم الدين، لينصرف المستبدون إلى جمع المال، وينصرفوا هم إلى الارتزاق.
لقد شرعوا للبغي وأحدثوا خرقا في الاسلام.
لقد أرادوا من الأمة أن تواجه إسراف الطبقة الحاكمة لا باستخلاص الحق المعلوم الذي شرعه الله، بل بالزهد في كل شئ، والانصراف عن كل حق.
ثم وصل فجور هؤلاء المرتزقة إلى آخر مدى فوضعوا الأحاديث النبوية لخدمة الطبقة الحاكمة حتى الأحاديث الشريفة لم تسلم من تزييفهم.
وعلى الرغم من كل هذه المظالم، وعلى الرغم مما عاناه الإمام جعفر من آلام وهو يعيش محنة خيبة الأمل في النظام الجديد، فإنه ظل آخذا بالتقية قائلا: التقية ديني ودين آبائي. والتقية ألا يجهر المرء بما يعتقد اتقاء للأذى أو حتى تتحسن