ولم يقف العلم عند هذا الحد، بل بدأ بمحاولة تبديل المادة إلى طاقة خالصة، أي نزع الصفة المادية للعنصر بصورة نهائية، وذلك على ضوء جانب من النظرية النسبية ل (آينشتين)، إذ قرر ان كتلة الجسم نسبية، وليست ثابتة، فهي تزيد بزيادة السرعة، كما تؤكد التجارب التي أجراها علماء الفيزياء الذرية، على الالكترونات التي تتحرك في مجال كهربائي قوي، ودقائق (بيتا) المنطلقة من نويات الأجسام المشعة. ولما كانت كتلة الجسم المتحرك تزداد بزيادة حركته، وليست الحركة الا مظهرا من مظاهر الطاقة، فالكتلة المتزايدة في الجسم هي اذن طاقته المتزايدة، فلم يعد في الكون عنصران متمايزان، أحدهما المادة التي يمكن مسها وتتمثل لنا في كتلة. والآخر الطاقة، التي لا يمكن ان ترى، وليس لها كتلة. كما كان يعتقد العلماء سابقا، بل أصبح العلم يعرف ان الكتلة ليست الا طاقة مركزة.
ويقول آنشتين في معادلته: ان الطاقة = كتلة المادة * مربع سرعة الضوء (وسرعة الضوء تساوي (186000) ميلا في الثانية) كما أن الكتلة = الطاقة ÷ مربع سرعة الضوء.
وبذلك ثبت، أن الذرة بما فيها من بروتونات والكترونات ليست في الحقيقة الا طاقة متكاثفة، يمكن تحليلها وارجاعها إلى حالتها الأولى.
فهذه الطاقة هي الأصل العلمي للعالم في التحليل الحديث، وهي التي تظهر في أشكال مختلفة، وصور متعددة، صوتية، ومغناطيسية، وكهربائية، وكيمياوية، وميكانيكية.
وعلى هذا الضوء، لم يعد الازدواج بين المادة والاشعاع، بين الجسيمات والموجات، أو بين ظهور الكهرب على صورة مادة أحيانا، وظهوره على صورة كهرباء أحيانا أخرى. أقول، لم يعد هذا غريبا، بل أصبح مفهوما بمقدار، ما دامت كل هذه المظاهر صورا لحقيقة واحدة وهي الطاقة.
وقد أثبتت التجارب عمليا صحة هذه النظريات، إذ أمكن للعلماء أن يحولوا المادة إلى طاقة، والطاقة إلى مادة. فالمادة تحولت إلى طاقة، عن طريق التوحيد بين نواة ذرة الهيدروجين ونواة ذرة ليثيوم. فقد نتج عن ذلك نواتان