له ومسببا عنه، لوجد لدينا شيئان: أحدهما معلول وهو (ب). والآخر علة وهو (أ). واما العلية التي تقوم بينهما، فهي لون ارتباط أحدهما بالآخر، والمسألة هي ان (ب) هل يملك وجودا، بصورة مستقلة عن ارتباطه ب (أ)، ثم يعرض له الارتباط، كما هو شأن اللوحة بالإضافة إلى الرسام؟ ولا نحتاج إلى كثير من الدرس، لنجيب بالنفي، فان (ب) لو كان يملك وجودا حقيقيا، وراء ارتباطه بسببه، لم يكن معلولا ل (أ)، لأنه ما دام موجودا بصورة مستقلة عن ارتباطه به، فلا يمكن ان يكون منبثقا عنه وناشئا منه. فالعلية بطبيعتها تقتضي، أن لا يكون للمعلول حقيقة وراء ارتباطه بعلته، والا لم يكن معلولا. ويتضح بذلك ان الوجود المعلول ليس له حقيقة، الا نفس الارتباط بالعلة والتعلق بها. وهذا هو الفارق الرئيسي، بين ارتباط المعلول بعلته وارتباط اللوحة بالرسام، أو القلم بالكاتب، أو الكتاب بالمطالع. فان اللوحة والقلم والكتاب، أشياء تتصف بالارتباط مع الرسام والكاتب والمطالع. وأما (ب) فهو ليس شيئا له ارتباط وتعلق بالعلة - لأن افتراضه كذلك، يستدعي ان يكون له وجود مستقل، يعرضه الارتباط كما يعرض اللوحة الموجودة بين يدي الرسام، ويخرج بذلك عن كونه معلولا - بل هو نفس الارتباط بمعنى ان كيانه ووجوده، كيان ارتباطي ووجود تعلقي، ولذلك كان قطع ارتباطه بالعلة افناء له، وإعداما لكيانه، لأن كيانه يتمثل في ذلك الارتباط. على عكس اللوحة، فإنها لو لم ترتبط بالرسام في عملية رسم معينة، لما فقدت كيانها ووجودها الخاص.
وإذا استطعنا ان نخرج بهذه النتيجة المهمة، من تحليل مبدأ العلية، أمكننا أن نضع فورا الجواب على مسألتنا الأساسية، ونعرف السر في احتياج الأشياء إلى أسبابها، فان السر في ذلك على ضوء ما سبق، هو ان الحقائق الخارجية، التي يجري عليها مبدأ العلية. ليست في الواقع الا تعليقات وارتباطات. فالتعلق والارتباط مقوم لكيانها ووجودها. ومن الواضح ان الحقيقة إذا كانت حقيقة تعلقية، أي كانت عين التعلق والارتباط، فلا يمكن ان تنفك عن شيء تتعلق به، وترتبط به ذاتيا. فذلك الشيء هو سببها وعلتها، لأنها لا يمكن ان توجد مستقلة عنه.
وهكذا نعرف ان السر في احتياج هذه الحقائق الخارجية التي