الواقع بصورة مستقلة عنهم، فوجود هذا الدوران بصورة موضوعية كان مرئيا لهم أي انهم كانوا يصدقون بذلك وان لم يكن ثابتا في الواقع (1).
فالانسان بطبيعته اذن يخرج من التصورية إلى الموضوعية بالعلم التصديقي لمكان كشفه الذاتي، سواء أكان العلم مصيبا في الواقع أم مخطئا، فإنه علم وكشف على كل تقدير.
الدليل الرابع:
ان المعارف التصديقية إذا كانت قد تخطئ ولم يكن كشفها الذاتي يصونها عن ذلك فلماذا لا يجوز أن تكون جميع معارفنا التصديقية خطأ؟ وكيف يمكننا أن نعتمد على الكشف الذاتي للعلم ما دام هذا الكشف صفة لازمة للعلم في موارد الخطأ والصواب على حد سواء.
وهذه المحاولة تختلف في هدفها عن المحاولة السابقة، ففي تلك المحاولة كانت تستهدف المثالية إلى اعتبار المعارف البشرية أشياء ذاتية لا تشق لنا الطريق إلى الواقع الموضوعي، وقد أحبطنا تلك المحاولة بايضاح ما للمعارف التصديقية من كشف ذاتي تمتاز به على التصور الخالص. وأما هذه المحاولة فهي تقصد إزالة المعارف التصديقية نهائيا من التفكير البشري، لأنها ما دامت قد تخطئ، أو ما دام كشفها الذاتي لا يعني صحتها دائما، فلماذا لا نشك فيها ونتخلى عنها جميعا؟ ولا يوجد لدينا بعد ذلك ما يضمن وجود العالم الموضوعي.
وبطبيعة الحال، ان التفكير البشري لو لم يكن يملك عدة معارف مضمونة الصحة بصورة ضرورية، لكان هذا الشك لازما ولا مهرب عنه، ولما أمكننا أن نعلم بحقيقة مهما كانت ما دام هذا العلم لا يستند إلى ضمان ضروري،