نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ٢ - الصفحة ٦٠
أو سترت ما صدرت من السلف * ولا تسلني عنه، فاليراع جف
____________________
«أو» ليتها بعد الغض عن كل ذلك كانت باختفائها في بيتها «سترت» على «ما صدرت من» قدمائها «السلف» من قبائح المنكرات المنبئة عن غاية بغضهم وعداوتهم لمن كان نفس الرسول، وضجيع البتول، ولا ينبغي لنا في المقام شرح ما صدر منها، ومن أسلافها زائدا على ما ذكر على نحو الإشارة.
«ولا تسلني عنه، فاليراع» أي: القلم «جف» عن التعرض لشرح كل من منكراتهم، حتى المتفق عليها بين الفريقين، فضلا عن غيرها. كل ذلك حفظا على الهدوء، ورغبة في السلم لأبنائها وأتباعها إن جنحوا لذلك، امتثالا لأمره تعالى:
﴿وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله﴾ (١).
ويكفي من ذلك ما رواه الغزالي (٢) والحميدي في الجمع بين الصحيحين (٣) وغيرهما من أبناء نحلتها (٤) من أنه بلغ الأمر بها وبشريكتها حفصة بنت الخليفة الثاني من سوء صحبتهما لرسول الله إلى حد ضرب الله تعالى لهما مثلا بامرأة نوح وامرأة لوط، اللتين كانتا كافرتين مع كونهما زوجتي نبيين معصومين، وذلك قوله تعالى:
﴿ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين﴾ (5).
فلا غرو ولا عجب في كفر المرأتين مع عصمة بعلهما، وإن أعظم منها صفراء بنت شعيب النبي (عليه السلام) وكانت زوجة الكليم موسى (عليه السلام) وحرمه، فإنها بعد وفاة بعلها خرجت في جند كثيف، وحاربت وصيه يوشع النبي ابن نون (6) ولقد أجاد الفاضل

(١) الأنفال: ٦١.
(٢) حكاه عنه في نهج الحق: ٣٧٠.
(٣) انظر الجمع بين الصحيحين ٤: ١٣٢ / ٣٢٤٥، وحكاه عنه في نهج الحق: ٣٧١.
(٤) انظر صحيح البخاري ٦: ١٩٥ كتاب التفسير.
(٥) التحريم: ١٠.
(٦) انظر كمال الدين وتمام النعمة ١: ١٥٤ / ١٧، قصص الأنبياء (الراوندي): ١٧٥، بحار الأنوار ١٣: ٣٦٦.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست