____________________
في الكل مخطئ، وفي قيله آثم.
أما خطاؤه وجهله بالمبنى؛ فلزعمه أن مطلق السؤال لإنجاح المطلب عبادة من السائل للمسؤول. أو لزعمه أن القول بوجوب الطاعة لزيد مثلا مستلزم للقول بلزوم عبادته، وأن من أطاع أحدا فقد عبده، بدعوى أن الإطاعة نحو من العبادة؛ احتجاجا بقوله تعالى: ﴿أن لا تعبدوا الشيطان﴾ (1) أي: لا تطيعوه.
وأنت خبير بأن كلا من الأمرين وهم فاسد، وخطأ واضح. أما الأول؛ فلأن العرف أقوى شاهد على الفرق بين التوسل استشفاعا وبينه عبادة، فكم ترى توسل الضعفاء بالأقوياء في إنجاح مآربهم؟ وكم ترى سؤال الفقراء للأغنياء لتحصيل معايشهم؟ وكم ترى لواذ كثير من مقصري الرعايا بالوجهاء لدى الحاكم استشفاعا بهم لعفوه عنهم؟ أفترى كل أولئك كفارا مشركين، وأن توسلاتهم عبادة منهم لمن فوقهم من المسؤولين؟
أو هل يرضى أحد منهم بتسمية سؤاله عبادة؟ أوليس يتحاشى كل منهم عن ذلك؟ أوليس ينسب الجهل أو الجنون إلى من يسمي أسئلتهم عبادة، أو يسمي الشفيع معبودا، فانظر ماذا ترى، وأنصف ماذا تحكم في ذلك كله، وأن الفرق بينها وبين التوسلات العبادية وأسئلة المخلوقين للخالق تعالى في حوائجهم لغني عن البيان، وعن إقامة البرهان، بعد وضوحه لدى عرف الخواص والعوام.
بل يمكن أن يقال: إن توسلات الناس بعضهم ببعض لقضاء الحاجة أو للشفاعة مختمر في جبلة البشر، وجرت عليها سيرة العقلاء من بدء الخلقة والخليقة كما يشاهد ذلك في توسلات الأطفال بأوليائهم في حوائجهم، ولمحصول مقاصدهم، ولم يتفوه أحد أن شيئا من ذلك عبادة أو شرك، بل لم يخطر ذلك في وهم عاقل أصلا كما هو واضح.
والسر في ذلك كله: أن التوحيد مرتكز في الأذهان، ومختمر في النفوس،
أما خطاؤه وجهله بالمبنى؛ فلزعمه أن مطلق السؤال لإنجاح المطلب عبادة من السائل للمسؤول. أو لزعمه أن القول بوجوب الطاعة لزيد مثلا مستلزم للقول بلزوم عبادته، وأن من أطاع أحدا فقد عبده، بدعوى أن الإطاعة نحو من العبادة؛ احتجاجا بقوله تعالى: ﴿أن لا تعبدوا الشيطان﴾ (1) أي: لا تطيعوه.
وأنت خبير بأن كلا من الأمرين وهم فاسد، وخطأ واضح. أما الأول؛ فلأن العرف أقوى شاهد على الفرق بين التوسل استشفاعا وبينه عبادة، فكم ترى توسل الضعفاء بالأقوياء في إنجاح مآربهم؟ وكم ترى سؤال الفقراء للأغنياء لتحصيل معايشهم؟ وكم ترى لواذ كثير من مقصري الرعايا بالوجهاء لدى الحاكم استشفاعا بهم لعفوه عنهم؟ أفترى كل أولئك كفارا مشركين، وأن توسلاتهم عبادة منهم لمن فوقهم من المسؤولين؟
أو هل يرضى أحد منهم بتسمية سؤاله عبادة؟ أوليس يتحاشى كل منهم عن ذلك؟ أوليس ينسب الجهل أو الجنون إلى من يسمي أسئلتهم عبادة، أو يسمي الشفيع معبودا، فانظر ماذا ترى، وأنصف ماذا تحكم في ذلك كله، وأن الفرق بينها وبين التوسلات العبادية وأسئلة المخلوقين للخالق تعالى في حوائجهم لغني عن البيان، وعن إقامة البرهان، بعد وضوحه لدى عرف الخواص والعوام.
بل يمكن أن يقال: إن توسلات الناس بعضهم ببعض لقضاء الحاجة أو للشفاعة مختمر في جبلة البشر، وجرت عليها سيرة العقلاء من بدء الخلقة والخليقة كما يشاهد ذلك في توسلات الأطفال بأوليائهم في حوائجهم، ولمحصول مقاصدهم، ولم يتفوه أحد أن شيئا من ذلك عبادة أو شرك، بل لم يخطر ذلك في وهم عاقل أصلا كما هو واضح.
والسر في ذلك كله: أن التوحيد مرتكز في الأذهان، ومختمر في النفوس،