نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ٢ - الصفحة ١٦٠
فإنهم بحسن الاختيار * ممحضون في رضاء الباري
____________________
حتى عن النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) كما عرفت في باب النبوة، فضلا عن خلفائه المعصومين.
وقد عرفت فساد ذلك هناك، باعتبار أن الملائكة على عصمتهم وعلو شأنهم لم تركب فيهم الشهوات الحيوانية، وأنهم قد استغنوا بذلك عن مجاهدة النفس ودفع شهواتها، واستراحوا عن مدافعة شياطين الجن والإنس، وذلك مع عدم حصول التعب ولا الملل لهم بطول العبادة، وأين هم عن الأنبياء وأولئك الأئمة الطاهرين الذين هم بظاهر البشرية لا يستغنون عن لوازمها؟ وهم مجدون في جهاد النفس ودفع شهواتها.
«فإنهم بحسن الاختيار» منهم من غير جبر ولا اضطرار في الطاعة أو في حصول العصمة لهم «ممحضون في» تحصيل «رضاء الباري» تعالى في سائر أوقاتهم، في ليلهم ونهارهم، لا يفترون عنه من مبتدأ نشأتهم إلى نهاية حياتهم الدنيوية، وقد نالوا سامي درجة العصمة بكثرة السعي في الطاعة والعبادة وحسن الجهاد مع النفس والأبالسة، فهم وإن شاركوا الملائكة المقربين في العصمة والطهارة، ولكن فرق بين بين من حصل تلك المرتبة الرفيعة بالجهد الجهيد والسعي البليغ، وبين من كانت تلك الدرجة العالية فطرته وجبلته، من غير مانع له من القيام بمقتضاها، ولا شهوات نفسانية يتعب في دحضها، وأفضل الأعمال أحمزها (1).
وقد استفاضت بذلك في كتب الفريقين الأحاديث المأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفائه المعصومين، وفاقا لحكم العقل، فراجع في ذلك مسند ابن حنبل (2)

(1) انظر البحار 70: 191.
(2) مسند أحمد 1: 331 فيما روي في فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ما يدل على المطلوب.
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست