للتقوى، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أصاب الشعير أكله وفرح به ولم يسخطه، وأما ما ذكرت من (إ) عطائي: فإني قدمته ليوم فاقتي وحاجتي، ورب العزة يا عمر، ما أبالي إذا جاز طعامي لهواتي وانساغ (١) في حلقي (أ) لباب البر (٢) ومخ المعزة كان أو خشارة (٣) الشعيرة (٤)، وأما قولك: إني ضعفت سلطان الله ووهنته، وأذللت نفسي وامتهنتها (٥) حتى جهل أهل المدائن إمارتي واتخذوني جسرا يمشون فوقي ويحملون علي ثقل حمولتهم (٦) وزعمت أن ذلك مما يوهن (في) سلطان الله ويذله.
فاعلم: أن التذلل في طاعة الله أحب إلي من التعزز في معصيته، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتألف بالناس (٧) ويتقرب منهم ويتقربون منه في نبوته وسلطانه، (حتى) كأنه بعضهم في الدنو منهم، وقد كان يأكل الجشب (٨) ويلبس الخشن، وكان الناس عنده (عبدهم و) قرشيهم وعربيهم وأبيضهم وأسودهم سواء في الدين، وأشهد أني سمعته يقول: من ولي سبعة من المسلمين بعدي ثم لم يعدل فيهم لقي الله وهو عليه غضبان، فليتني يعمر أسلم من أمارة (٩) المدائن مع ما ذكرت أني (أ) ذللت نفسي وامتهنتها، فكيف يا عمر حال من ولى الأمة (من) بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وإني سمعت الله يقول: ﴿تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين﴾ (10)، اعلم: أني لم أتوجه