في ملكه فساده في الأرض، ابتلاه الله بالصداع في شق رأسه الأيمن، حتى منعه من المطعم والمشرب، فاستغاث وذل، ودعا وزراءه فشكا إليهم ذلك، فسقوه الأدوية، وآيس من سكونه، فعند ذلك بعث الله نبيا فقال له: إذهب إلى روذين عبدي الجبار في هيئة الأطباء، وابتدئه بالتعظيم (له) والرفق به، ومنة (1) سرعة الشفاء بلا دواء تسقيه ولا كي تكويه (2)، فإذا رأيته قد أقبل بوجهه إليك فقل: إن شفاء دائك في دم صبي رضيع بين أبويه يذبحانه لك طائعين غير مكرهين، فتأخذ من دمه ثلاث قطرات، فتسعط (3) به في منخرك الأيمن تبرء من ساعتك، ففعل النبي ذلك، فقال الملك: ما أعرف في الناس هذا، قال: إن بذلت العطية وجدت البغية (4)، قال: فبعث الملك بالرسل في ذلك، فوجدوا جنينا بين أبويه محتاجين، فأرغبهما في العطية، فانطلقا بالصبي إلى الملك، فدعا بطاس فضة وشفرة وقال لأمه: امسكي ابنك في حجرك، فأنطق الله الصبي فقال: أيها الملك كفهما عن ذبحي، فبئس الوالدان هما، أيها الملك إن الصبي الضعيف إذا ضيم (5) كان أبواه يدفعان عنه وإن أبوي ظلماني، فإياك أن تعينهما على ظلمي، ففزع الملك فزعا شديدا أذهب عنه الداء، ونام روزين في تلك الحالة فرأى في النوم من يقول (له): إن الإله الأعظم أنطق الصبي ومنعك ومنع أبويه من ذبحه، وهو ابتلاك بالشقيقة لنزعك من سوء (السريرة و) السيرة، وهو الذي ردك إلى الصحة وقد وعظك بما أسمعك، فانتبه ولم يجد وجعا، وعلم أن كله من الله تعالى، فسار في البلاد بالعدل) (6).
(٥٢٥)