يختارون بآرائهم لأنفسهم أي دين أحبوا وأي ملك أرادوا، فأخرجوا محمدا من سبيل الأنبياء وجهلوه في رسالته ودفعوا وصيه وزعموا أن الجاهل يقوم مقام العالم، وذلك هلاك الحرث والنسل وظهور الفساد في البر والبحر، وحاشا الله أن يبعث نبيا إلا مطهرا مسددا مصطفى على العالمين، فإن العالم أمير الجاهل أبدا إلى يوم القيامة، فسئلته عن اسمه فقال الذي إلى جنبه: هذا خليفة رسول الله، فقلت: إن هذا الاسم لا نعرفه لأحد بعد النبي إلا أن يكون لغة من لغات العرب، فأما الخلافة فلا تصلح إلا لآدم وداود والسنة فيها للأنبياء والأوصياء، وإنكم لتعظمون الفرية على الله ورسوله فانتفى من العلم واعتذر من الاسم وقال: إنما تراضوا الناس بي فسموني خليفة وفي الأمة من هو أعلم مني، فاكتفينا بما حكم على نفسه على من اختاره، فقدمت مسترشدا وباحثا عن الحق، فإن اتضح (1) لي اتبعته ولم تأخذني في الله لومة لائم، فهل عندك أيها الشاب شفاء لما في صدورنا؟
فقال علي عليه السلام: بلى عندي شفاء لصدوركم وضياء لقلوبكم وشرح لما أنتم عليه وبيان لا يختلجكم الشك معه وإخبار عن أموركم وبرهان لدلالتكم، فأقبل علي بوجهك وفرغ لي مسامع قلبك وأحضرني ذهنك وع ما أقول لك: إن الله بمنه وطوله وفضله، له الحمد كثيرا دائما، قد صدق وعده وأعز دينه ونصر محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله وهزم الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، تبارك وتعالى اختص محمدا صلى الله عليه وآله واصطفاه وهداه وانتجبه لرسالته إلى الناس كافة برحمته وإلى الثقلين برأفته، وفرض طاعته على أهل السماء وأهل الأرض، وجعله إماما لمن قبله من الرسل وخاتما لمن بعده من الخلق، وورثه مواريث الأنبياء وأعطاه مقاليد الدنيا والآخرة واتخذه نبيا ورسولا وحبيبا وإماما، ورفعه إليه وقربه عن يمين عرشه بحيث لم يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، فأوحى الله إليه في وحيه ما أوحى: (ما كذب الفؤاد ما رأى) (2)، وأنزل علاماته على