تملأ الأرض قسطا وعدلا كما ظلما وجورا، ألا وقد عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله إن الأمر صاير إلي بعد الثلاثين من وفاته وظهور الفتن واختلاف الأمة علي ومروقهم (1) عن دين الله، وأمرني بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين، فمن أدرك منكم ذلك الزمان وتلك الأمور وأراد أن يأخذ بحظه من الجهاد معي فليفعل، فإنه والله الجهاد الصافي، صفاه لنا كتاب الله وسنة نبيه، فكونوا رحمكم الله من أحلاس (2) بيوتكم إلى أوان ظهور أمرنا، فمن مات منكم كان من المظلومين ومن عاش منكم أدرك ما تقربه عينه إن شاء الله، ألا وإني أخبركم أنه سيحملون على خطة (3) من جهلهم وينقضون علينا عهد نبينا صلى الله عليه وآله لقلة علمهم بما يأتون وما يذرون، وسيكون منهم ملوك يدرس عندهم العهد وينسون ما ذكروا به، ويحل بهم ما يحل بالأمم حتى يصيروا إلى الهرج والاعتداء وفساد العهد، وذلك لطول المدة وشدة المحنة التي أمرت بالصبر عليها وسلمت لأمر الله في محنة عظيمة ويكدح فيها المؤمن حتى يلقى الله ربه، وواها للمتمسكين بالثقلين وما يعمل بهم، وواها لفرج آل محمد عليهم السلام من خليفة مستخلف عريف (4) مترف يقتل خلفي وخلف الخلف، بلى اللهم لا تخلو الأرض من قائم بحجة أما ظاهرا مشهورا أو باطنا مستورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ويكون محن لمن اتبعه واقتدى به، وأين أولئك وكم أولئك، أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله خطرا، بهم يحفظ الله دينه وعلمه حتى يزرعها في صدور أشباههم ويودعها أمثالهم، هجم بهم العلم على حقيقة الإيمان، واستروحوا روح اليقين، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، واستلانوا ما استوعر منه المترفون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك حجج الله في أرضه وأمناؤه على خلقه فواشوقاه إليهم وإلى رؤيتهم، وواها لهم على صبرهم على عدوهم،
(٥١٠)