الجاثليق: هو هذا الشيخ؟ فقال: نعم، قال: أيها الشيخ! أنت القائم الوصي لمحمد صلى الله عليه وآله في أمته وأنت العالم المستغني بعلمك مما علمك نبيك من أمر الأمة وما تحتاج إليه؟ قال أبو بكر: لا، ما أنا بوصي، قال له: فما أنت؟
قال عمر: هذا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، قال النصراني: أنت خليفة رسول الله! استخلفك في أمته؟ قال أبو بكر: لا، قال: فما هذا الاسم الذي ابدعتموه وادعيتموه بعد نبيكم؟ فإنا قد قرأنا كتب الأنبياء فوجدنا الخلافة لا تصلح إلا لنبي من أنبياء الله، لأن الله جعل آدم خليفة في الأرض فرض طاعته على أهل السماء والأرض ونوه باسم داود عليه السلام فقال: يا داود! إنا جعلناك خليفة في الأرض، فكيف تسميت بهذا الاسم ومن سماك به، أنبيك سماك به؟ قال: لا ولكن تراضوا الناس فولوني واستخلفوني، فقال:
أنت خليفة قومك لا خليفة نبيك، وقد قلت: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يوص إليك وقد وجدنا في سنن الأنبياء أن الله لم يبعث نبيا إلا وله وصي يوصي إليه ويحتاج الناس كلهم إلى علمه وهو مستغني عنهم، وقد زعمت أنه لم يوص كما أوصت الأنبياء وادعيت أشياء لست بأهلها وما أريكم إلا وقد دفعتم نبوة محمد صلى الله عليه وآله وقد أبطلتم سنن الأنبياء في قومهم، قال: ثم التفت الجاثليق إلى أصحابه فقال: إن هؤلاء يقولون: إن محمدا لم يأتهم بالنبوة وإنما كان أمره بالغلبة، ولو كان نبيا لا وصي كما أوصت الأنبياء، وخلف فيهم كما خلفت الأنبياء من الميراث والعلم، ولسنا نجد عند القوم أثر ذلك، ثم التفت كالأسد فقال: يا شيخ! أما أنت فقد أقررت إن النبي لم يوص إليك ولم يستخلفك وإنما تراضوا الناس بك ولو رضي الله عز وجل لرضي الخلق وأتباعهم لهوائهم واختيارهم لأنفسهم، ما بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وآتاهم الكتاب والحكمة ليبينوا للناس ما يأتون ويذرون ما فيه يختلفون، ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، فقد دفعتم النبيين عن رسالاتهم واستغنيتم بالجهل من اختيار الناس عن اختيار الله الرسل للعباد واختيار الرسل لأمتهم، ونريكم تعظمون بذلك الفرية على الله وعلى نبيكم ولا ترضون إلا أن تتسموا بعد ذلك بالخلافة، وهذا لا يحل إلا لنبي أو وصي