الأنبياء إن الله عز وجل لم يبعث نبيا قط إلا وكان له وصي يقوم مقامه، وقد بلغنا اختلاف عن أمة محمد في مقام نبوته وادعاء قريش على الأنصار وادعاء الأنصار على قريش واختيارهم لأنفسهم، فاقدمنا ملكنا وفدا وقد اختارنا لنبحث عن دين محمد ونعرف سنن الأنبياء فيه والاستماع من قومه الذين ادعوا مقامه أحق ذلك أم باطل قد كذبوا عليه، كما كذبت الأمم بعد أنبياءها على نبيها ودفعت الأوصياء عن حقها، فإنا وجدنا قوم موسى عليه السلام بعده عكفوا على العجل ودفعوا هارون عليه السلام عن وصيته واختاروا ما أنتم عليه وكذلك سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، فقدمنا فأرشدنا القوم إلى هذا الشيخ، فادعى مقامه والأمر له من بعده، فسئلناه عن الوصية إليه عن نبيه، فلم يعرفها وسئلناه عن قرابته منه، إذ كانت الدعوة من إبراهيم عليه السلام فيما سبقت في الذرية في إمامته أنه لا ينالها إلا ذرية بعضها من بعض ولا ينالها إلا مصطفى مطهر، فأردنا أن نتبين (لنا) (1) السنة من محمد صلى الله عليه وآله وما جاء به النبيون واختلاف الأمة على الوصي كما اختلف على من مضى من الأوصياء ومعرفة العترة فيهم، فإن وجدنا لهذا الرسول وصيا قائما بعده وعنده علم ما يحتاج إليه الأمة ويجيب بجوابات بينة ويخبر عن أسباب البلايا والمنايا وفصل الخطاب والأنساب وما يهبط من العلم في ليلة القدر في كل سنة وما تنزل به الملائكة والروح إلى الأوصياء، صدقنا بنبوته واجبنا دعوته واقتدينا بوصيه وآمنا به وبكتابه المنزل وبما جاءت به الرسل قبله، وإن يكن غير ذلك رجعنا إلى ديننا وعلمنا أن محمدا صلى الله عليه وآله لم يبعث، وقد سئلنا هذا الشيخ فلم نجد عنده تصحيح نبوة محمد، وإنما ادعوا له وكان جبارا غلب على قومه بالقهر وملكهم ولم يكن عنده أثر النبوة ولا ما جاءت به الأنبياء قبله، وأنه مضى وتركهم بهما (2) من يغلب بعضهم بعضهم بعضا وردهم جاهلية جهلا، مثل ما كانوا
(٤٩٨)