الفرائض وأعلاها وأجمعها للحق وأحكمها لدعائم الإيمان وشرايع الإسلام، وما يحتاج إليه الخلق لصلاحهم ولفسادهم ولأمر دنياهم وآخرتهم، فقد تولوا عني ودفعوا فضلي وفرض رسول الله صلى الله عليه وآله إمامتي وسلوك سبيلي، فقد رأيتم ما شملهم من الذل والصغار من بعد الحجة، وكيف أثبت الله عليهم الحجة، وقد نسوا ما ذكروا به من عهد نبيهم وما أكد عليهم من طاعتي، وأخبرهم من مقامي وبلغهم من رسالة الله في فقرهم إلى علمي وغنائي عنهم وعن جميع الأمة بما أعطاني الله، فكيف آسي (1) على من ضل عن الحق بعد ما تبين له واتخذ هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون، إن هداه للهدى وهما السبيلان: سبيل الجنة وسبيل النار والدنيا والآخرة، فقد ترى ما نزل بالقوم من استحقاق العذاب الذي عذب به من كان قبلهم (من الأمم) (2)، وكيف بدلوا كلام الله وكيف جرت السنة فيهم من الذين خلوا من قبلهم، وعليكم بالتمسك بحبل الله وعروته وكونوا من حزب الله ورسوله وألزموا عهد رسول الله وميثاقه عليكم، فإن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، وكونوا في أهل ملتكم كأصحاب الكهف، وإياكم أن تفشوا أمركم إلى أهل أو ولد أو حميم أو قريب، فإنه دين الله عز وجل الذي أوجب له التقية لأوليائه فيقتلكم قومكم، وإن أصبتم من الملك فرصة ألقيتم على قدر ما ترون من قبوله، وإنه باب الله وحصن الإيمان لا يدخله إلا من أخذ الله ميثاقه ونور له في قلبه وأعانه على نفسه، انصرفوا إلى بلادكم على عهدكم الذي عاهدتموني عليه، فإنه سيأتي على الناس برهة من دهركم ملوك بعدي وبعد هؤلاء، يغيرون دين الله ويحرفون كلامه ويقتلون أولياء الله ويعزون أعداء الله، وتكثر البدع وتدرس السنن حتى تملأ الأرض جورا وعدوانا وظلما وبدعا، ثم يكشف الله بنا أهل البيت جميع البلايا عن أهل دعوة الله بعد شدة من البلاء العظيم حتى
(٥٠٩)