قال: لا، فهكذا في قدرة الله، إذا طويت السماوات وقبضت الأرض لم تبطل الجنة والنار كما لم تبطل طي هذا الكتاب آية الجنة وآية النار، قال:
فأخبرني عن قوله تعالى: ﴿كل شئ هالك إلا وجهه﴾ (١)، فما هذا الوجه وكيف هو وأين يؤتى وما دليلنا عليه؟ قال عليه السلام: يا غلام! علي بحطب ونار، فأتى به، فأمر أن تضرم، فلما استوقدت واشتعلت قال له: يا نصراني! هل تجد لهذه النار وجها دون وجه؟ قال: لا حيثما أتيتها فهو وجه، قال عليه السلام: فإذا كانت النار المخلوقة المدبرة في ضعفها وسرعة زوالها لا تجد لها وجها، فكيف من خلق هذه النار وجميع ما في ملكوته من شئ كيف يوصف بوجه أو يحد بحد أو يدرك ببصر أو يحيط به عقل أو يضبط به وهم وقال الله تعالى: ﴿ليس كمثله شئ﴾ (2)؟!.
قال الجاثليق: صدقت أيها الوصي العليم الحكيم الرفيق، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا، وأنك وصيه وصديقه ودليله وموضع سره وأمينه على أهل بيته وولي المؤمنين من بعده، من أحبك وتولاك هديته ونورت قلبه وأغنيته وكفيته وشفيته، ومن تولى عنك وعدل عن سبيلك ضل وغبن عن حظه واتبع هواه بغير هدى من الله ورسوله، وكفى هداك ونورك هاديا وكافيا وشافيا، قال: ثم التفت الجاثليق إلى القوم فقال: يا هؤلاء! قد أصبتم أمنيتكم وأخطأتم سنة نبيكم فاتبعوه تهتدوا وترشدوا، فما دعاكم إلى ما فعلتم، ما أعرف لكم عذرا بعد آيات الله والحجة عليكم، أشهد إنها سنة في الذين خلوا من قبل ولا تبديل لكلمات الله، وقد قضى عز وجل الاختلاف على الأمم والاستبدال بأوصيائهم بعد أنبيائهم، وما العجب إلا منكم بعد ما شاهدتم، فما هذه القلوب القاسية والحسد الظاهر والضغن والإفك المبين، قال: وأسل النصراني ومن كان معه وشهدوا لعلي عليه السلام بالوصية ولمحمد