(ثم قال: إن أبي صلوات الله عليه عهد إلي أن لا أوطن من الأرض إلا أخفاها وأقصاها، إسرارا لأمري وتحصينا لمحلي من مكائد (1) أهل الضلال والمردة (2) من أحداث الأمم الضوال، فنبذني إلى عالية الرمال (3) وجبت صرائم الأرض (4) ننتظر في الغاية (5)، التي عندها يحل الأمر وينجلي الهلع - إلى أن قال: - قال:
فعليك يا بني! بلزوم خوافي الأرض، وتتبع أقاصيها، فإن لكل ولي من أولياء الله (6) (عز وجل) عدوا مقارعا، وضدا منازعا، افتراضا لمجاهدة أهل نفاقه وخلافة أولي الالحاد (7) والعناد، فلا يوحشنك ذلك، واعلم أن قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزع (8) إليك مثل الطير (إذا أمت) (إلى) أوكارها، وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة (9)، وهم عند الله بررة أعزاء، يبرزون بأنفس مختلة محتاجة، وهم أهل القناعة والاعتصام، استنبطوا الدين فوزروه على مجاهدة الأضداد، خصهم الله باحتمال الضيم (في الدنيا) ليشملهم باتساع العز في دار القرار، وجبلهم (10) على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى وكرامة حسن العقبى) (11).
وفي التوقيع الذي ورد على المفيد رحمه الله في سنة اثني عشر وأربعمأة، بعد السلام: (وبعد فقد كنا نظرنا مناجاتك، عصمك الله بالسبب الذي