الجراح) (1) في ثلاثمأة من المهاجرين والأنصار، بعثها النبي صلى الله عليه وآله إلى حي من جهينية في ساحل البحر، إلا أنه ذكر أنهم أقاموا بالساحل نصف شهر فأصابهم جوع شديد، حتى أكلوا الخبط - وهو ورق شجرة الطلح يبلونه بالماء ثم يأكلونه - حتى تقرحت أشداقهم (2)، وكان أبو عبيدة يعطي الواحد منهم في اليوم والليلة تمرة واحدة يمصها، وذكر أن النبي صلى الله عليه وآله زودهم جرابا من التمر، ثم ذكر أن قيس بن سعد بن عبادة اشترى خمس جزاير، كل جزور بوسق من التمر يوفيه بالمدينة، ثم ذكر أن البحر رمى لهم دابة هائلة كهيئة الكثيب الضخم (3) يقال لها: العنبر، بحيث أن أبا عبيدة نصب ضلعا من أضلاعها ومر تحته أطول رجل من القوم - وهو قيس بن سعد بن عبادة - راكبا على أطول بعير لم يطأطأ رأسه، وعن جابر قال: دخلت أنا وخمسة نفر عينها، ما رآنا أحد ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينها، فأكلوا منها نحو شهر وكانوا يغرفون من وقب (4) عينها بالقلال، كذا وكذا قلة ودك - أي دسم اللحم - وصحبوا لحمها إلى المدينة.
أقول: وأين هذا من الغزوة التي أصابوا فيها الغنائم الكثيرة، مع أنه لم يذكر أحدهم زهيرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، وأما ما كانت في عهد بن الخطاب، فالأصحاب أعرضوا عن ذكر كيفيتها، ولذا لم نقف على ما تطمئن به النفس، فتأسيت بهم فيه. (5)