متنسك، هذا يصد الناس عن علمه بتهتكه، وهذا يصد الناس عن نسكه بجهله) (1) فإذا اقترن العلم الكامل بالعمل فذلك هو الفضل الباذخ والشرف الشامخ، قال أمير المؤمنين عليه السلام: (أيها الناس! اعلموا أن كمال الدين طلب علم والعمل به) (2)، والمراد بالعلم الكامل ما به يخشى الله حامله، لما في الصحيفة الشريفة: (لا علم إلا خشيتك)، وهو الاعتقاد الصحيح المقترن بموالاة أولياء الله الذين لا سبيل إلى معرفته إلا بمعرفتهم ومعاداة أعدائهم، فإن المنفك عنها وبال له: (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) (3)، (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) (4).
ويتوقف استقراره بطي ثلاثة مراحل: بآية محكمة وفريضة قائمة وسنة عادلة (5)، وحينئذ يكون أولى الناس بالأنبياء كما قال عليه السلام:
(أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به) (6)، ويدخل في ورثتهم: (إن العلماء ورثة الأنبياء، فإنهم لم يورثوا درهما ولا دينارا، ولكن ورثوا العلم) (7)، ويصير مداده أفضل من دماء الشهداء وأرجح منها ميزانا (8)، بل: (من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم كتب الله له بكل قدم ثواب شهيد من شهداء بدر) (9)، وكيف لا تكون كذلك فإنه حافظ للقلوب الضعيفة والعقول الناقصة وأيتام آل محمد صلى الله عليه وآله من فتكات (10) شياطين الأوهام وهجوم