أحد، فقد روي: إنه لم يتكلم بشئ من أمور الدنيا منذ عشرين سنة إلا أنه قال يوما لبعض تلاميذه: هل لكم مسجد في قريتكم؟ فقال: نعم، فقال له: أحي أبوك أم لا؟ ثم إنه ندم وخاطب نفسه: يا ربيع! قد سودت صحيفتك، ثم لم يتكلم بشئ من أمور الدنيا إلى أن قتل أبو عبد الله عليه السلام فقال له رجل: قتل بن رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يتكلم، ثم جاءه ناع آخر وأخبره بذلك، فلم يقل شيئا، فلما أخبره الثالث بكى وقال: ﴿اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون﴾ (1)، وكان قد حفر في داره حفرا فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيه واضطجع ومكث فيه ما شاء الله، ثم يقول: (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) (2)، يرددها ثم يرد على نفسه: يا ربيع! قد رجعناك فاعمل، وفي مصباح الشريعة: (إنه كان يضع قرطاسا بين يديه فيكتب (كل) ما يتكلم به، ثم يحاسب نفسه في عشيته ما له وما عليه ويقول: آه آه نجى الصامتون) (3)، وفيه: (قيل له: ما لك لا تنام بالليل؟ قال: لأني أخاف البيات) (4)، وعن القشيري: إنه لما مات الربيع بن خيثم قالت بنية لأبيها:
الأسطوانة التي في دار جارنا أين ذهبت؟ فقال: إنه كان جارنا الصالح يقوم أول الليل إلى آخره، فتوهمت البنية إنه كانت سارية، لأنها كانت لا تصعد السطح إلا بالليل، إلى غير ذلك مما ذكروه في حقه.
هذا مقامه في الزهد والعبادة، فانظر إلى ضعف إيمانه ونقص عقله بما رواه نصر بن مزاحم في كتاب صفين، قال نصر: (فأجاب عليا عليه السلام (إلى السير) جل الناس إلا أن أصحاب عبد الله بن مسعود أتوه وفيهم عبيدة السلماني وأصحابه، فقالوا (له): إنا نخرج معكم ولا ننزل عسكركم ونعسكر على حدة حتى ننظر في أمركم وأمر أهل الشام، فمن رأيناه أراد ما لا يحل (له)