وأبي طاهر بن بلال وغيرهما مما هو مذكور في كتب الرجال تظهر لك حقيقة الحال، مع أن اشتمال الخبر على ما انعقد الاجماع على خلافه لا يضر بجزئه الآخر الذي لا يعارضه شئ من الأدلة، سيما فيما لو كان كل منهما مستقلا، بل وفيما أيد هذا الجزء بغيره من الأخبار - كما قرر في محله -.
وروى الحسين بن حمدان في الكتاب المذكور بسند يأتي: (إن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن سلمان علم من علمي ما هو في قلبه من علم ما كان وما هو كائن.) وروى أبو عمرو الكشي رحمه الله عن جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قال لي: تروي ما يروي الناس أن عليا عليه السلام قال في سلمان: أدرك علم الأول وعلم الآخر؟ قلت: نعم، قال: فهل تدري ما عنى؟ قلت: يعني علم بني إسرائيل وعلم النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ليس هكذا يعني ولكن علم النبي صلى الله عليه وآله وعلم علي عليه السلام وأمر النبي صلى الله عليه وآله وأمر علي عليه السلام.) (1) أقول: عدم إرادته هذا المعنى من هذا الكلام لا يدل على عدم إدراكه علم بني إسرائيل، بل مر في حديث الغارات: إنه قرأ الكتاب الأول وقرأ كتاب الآخر، وفي رواية الحضيني: إنه أدرك علم الأولين وعلم الآخرين، ويأتي عن كنز الكراجكي أنه قال لأمير المؤمنين عليه السلام بعد ما عد عليه السلام له من مناقبه شطرا: (يا أمير المؤمنين! قد وجدتك في التورية كذلك وفي الإنجيل كذلك، بأبي أنت وأمي يا قتيل كوفان)، وتقدم عن المفيد: (خصه الله من العلوم بأولها وآخرها)، وفي مشكاة المصابيح في حديث اختصرناه: (إن أبا هريرة قال لخيثمة بن أبي يسرة الكوفي: أليس فيكم سلمان صاحب الكتابين يعني الإنجيل والقرآن؟ رواه الترمذي) (2)، وتقدم عن كتاب