عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه الله) لم نجد لها رافعا للتقصير (1)، وهي ما حكى عنه أنه قال: (أول درجة) في الغلو نفي السهو عن النبي والإمام صلوات الله عليهما، فإن صحت هذه الحكاية عنه فهو مقصر، مع أنه من علماء القميين ومشيختهم، وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيرا ظاهرا في الدين، وينزلون الأئمة (عليهم السلام) عن مراتبهم ويزعمون أنهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم، ورأينا (في أولئك) من يقول إنهم ملتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ويدعون (مع ذلك) أنهم من العلماء، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه، انتهى) (2)، فإذا فكل من يروي ويعتقد في حقهم عليهم السلام من الفضائل الخاصة من نفي السهو وما فوقه إلى الحد الذي يوجب نفي معبود لهم وإثبات صفات القديم فيهم، فهو غال متجاوز عن الحد الذي يعتقده الصدوق وشيخه المتقدم وأمثالهما مثلا فيهم، وأين هذا من الكفر والخروج عن الدين، فإن ما بينهما أوسع مما بين السماء والأرض - كما قرر في محله.
الثالث: أن يكون (نصر) غاليا حقيقة بالمعنى الذي يكفر قائله وترد روايته، إلا أن كتبه ورواياته مما علم صحتها من الخارج لأخذه من الكتب المعتبرة والأصول المعول عليها في الدين، ويعلم ذلك بعرضها عليها، وهذا لا يختص به، فإن له نظائر كثيرة ممن فسدت عقيدته وصحت كتبه من أغلب المنتحلين إلى المذاهب الفاسدة، وربما يختلج في البال أنه إذا كان صحة كتاب من فسد مذهبه منوطا بعرضه على الأصول والكتب المعتمدة، فما الوجه في أخذ الرواية عنه لا من مأخذه الصحيح، ويرفع بأن مجرد صحة الكتاب والعلم بنسبته إلى مصنفه لا يصح جواز النقل عنه في طريقتهم، إن هو إلا الوجادة (3) التي يضعف عاملها - كما يظهر من ترجمة (محمد بن