فإنه لو قدر أن لا يدعهم يحكمون حكما لفعل إذ الحكم إليه وله دونهم.
وفي كتاب الكر والفر قالوا: وجدنا عليا يأخذ عطاء الأول ولا يأخذ عطاء ظالم إلا ظالم؟ قلنا: فقد وجدنا دانيال يأخذ عطاء بختنصر. وقالوا: قد صح ان عليا لم يبايع ثم بايع ففي أيهما أصاب أخطأ في الأخرى؟ قلنا: وقد صح ان النبي لم يدع في حال ودعا في حال ولم يقاتل ثم قاتل. وقال رجل للمرتضى: أي خليفة قاتل ولم يسب ولم يغنم؟ فقال: ارتد علاثة في أيام أبي بكر فقتلوه ولم يعرض أبو بكر لماله. وروي مثل ذلك لمرتد قتل في أيام عمر فلم يعرض لماله. وقتل علي مسوره العجلي ولم يعرض لماله، فالقتل ليس بامارة على تناول المال.
وقال رجل لشريك: أليس قول علي لابنه الحسين يوم الجمل: يا بني يود أبوك انه مات قبل هذا اليوم بثلاثين سنة، يدل على أن في الامر شيئا؟ فقال شريك: ليس كل حق يشتهى ان يتعب فيه، قد قالت مريم في حق لا يشك فيه (يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا)، ولما قيل لأمير المؤمنين في الحكمين: شككت؟ قال: أنا أولى بأن لا أشك في ديني أم النبي وما قال الله تعالى لرسوله (قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما اتبعه ان كنتم صادقين).
وسأل هشام بن الحكم جماعة من المتكلمين فقال: أخبروني حين بعث الله محمدا بعثه بنعمة تامة أو بنعمة ناقصة؟ قالوا بنعمة تامة، قال: فأيما أتم أن يكون في أهل بيت واحد نبوة و خلافة أو يكون نبوة بلا خلافة؟ قالوا: بل يكون نبوة وخلافة قال: فلماذا جعلتموها في غيرها فإذا صارت في بني هاشم ضربتم وجوههم بالسيوف، فأفحموا. قال الصاحب:
من كالوصي علي عند سابقة * والقوم ما بين تضليل وتسفيه من كالوصي علي عند مشكلة * وعنده البحر قد فاضت نواحيه من كالوصي علي عند مخمصة * قد جاد بالقوت ايثارا لعافيه يا يوم بدر تجشم ذكر موقعة * فاللوح يحفظه والوحي يمليه وأنت يا أحد هل في الورى أحد * يطيق جحدا لما قد قلته فيه براءة استرسلي في القوم وانبسطي * فقد لبست جمالا من توليه