غيبته، بسندهما عن سدير الصيرفي قال: (دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام، فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق بلا جيب مقصر الكمين (1)، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحرى، وقد نال الحزن من وجنتيه (2)، وشاع التغيير في عارضيه، وأبلى الدموع محجريه (3)، وهو يقول: سيدي! غيبتك نفت رقادي وضيقت علي مهادي - إلى أن قال: فقلت: لا أبكى الله يا بن خير الورى عينيك، من أيد حادثة تستنزف دمعتك (4) وتستمطر عبرتك، وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم؟ قال: فزفر (5) الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه واشتد منها خوفه وقال: (ويكم) إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم - إلى أن قال: - وتأملت فيه مولد قائمنا عليه السلام وغيبته وإبطاؤه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم - إلى أن قال: - إن الله تبارك و تعالى أدار في القائم منا ثلاثة (6) من الرسل، قدر مولده تقدير مولد موسى (عليه السلام)، وجعل (له) من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر (عليه السلام) - دليلا على عمره - إلى أن قال: - وأما العبد الصالح - (أعني) الخضر عليه السلام، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء (عليهم السلام)، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلى إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم
(١١١)