تزعمون أن الصديق المبرأ من (1) دنس الشكوك، والفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا يسران النفاق، واستدللتم بليلة العقبة. أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟
قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفا من الإلزام، وحذرا من أني إن أقررت لهما بطوعهما، احتج بأن بدو (2) النفاق ونشوه في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة، وإظهار البأس (3) الشديد في حمل المرء على ما ليس ينقاد له قلبه، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه: * (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) * (4)، وإن (5) قلت:
أسلما (6) كرها كان يقصدني بالطعن، إذ لم تكن سيوف منتضاة (7) [كانت تريهما] (8) البأس.
قال سعد: فصدرت عنه مزورا (9) وقد انتفخت أحشائي من الغضب، وتقطع كبدي [من الكرب] (10)، وكنت قد اتخذت طومارا وأثبت فيه نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا، على أن أسأل عنها خير (11) أهل بلدي أحمد بن