مثل هذه الأنهار، أو يجعل له خاصة يختص به فيحصل له بذلك الدوام والاستمرار، إذ في تعميره نظام أمر المسلمين، وبقاء الدنيا والدين) (1).
ومن ذلك حديث القلاقل:
روى الجد السعيد عبد الحميد، يرفعه إلى الرئيس أبي الحسن الكاتب البصري - وكان من الأسداء الأدباء - قال: في سنة اثنتين (2) وتسعين وثلاثمائة أسنت (3) البر سنين عدة (4)، وبعثت السماء درها وخص الحيا (5) أكناف البصرة، وتسامع العرب بذلك فوردوها من الأقطار البعيدة والبلاد الشاسعة (6)، على اختلاف لغاتهم وتباين فطرهم (7).
فخرجت مع جماعة من الكتاب ووجوه التجار، نتصفح (8) أحوالهم ولغاتهم، ونلتمس فائدة ربما وجدناها عند أحدهم، فارتفع لنا بيت عال فقصدناه، فوجدنا في كسره (9) شيخا جالسا قد سقط حاجباه على عينيه (كبرا، وحوله جماعة من عبيده) (10) وأصحابه، فسلمنا عليه فرد التحية وأحسن التلقية، فقال له رجل منا: هذا السيد - وأشار إلي - هو الناظر في معاملة الدرب، وهو من الفصحاء وأولاد العرب،