لأنا نقول عن ذلك من وجوه:
أ - إن أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) خلف جماعة من ثقاته ممن يؤخذ عنهم الأحكام، ويعمل بقولهم في الحلال والحرام، وإليهم ترفع كتب الشيعة، وعلى أيديهم تخرج (1) الأجوبة، وكانوا بموضع من الستر والعدالة بتعديله إياهم في حال حياته، وهو المعصوم الذي يجب حمل أفعاله على الصحة، فلما مضى (عليه السلام) أجمعوا جميعا على أنه قد خلف ولدا وهو الإمام من بعده، وأنهم رأوه وشاهدوه وعرفوه كما ذكرنا، وأظهر لهم المعجزات كما قررنا، وأمروا الناس أن لا يسألوا عن اسمه، وأن يسروا عن أعدائه، وطلبه السلطان أشد الطلب ووكل بالدور والحبالى من جواري الحسن (عليه السلام).
ثم كانت كتب الخلف تخرج إلى الشيعة بالأمر والنهي على يدي هؤلاء الرجال الثقات إلى مدة عشرين سنة، إلى أن حان وقت الغيبة الثانية الطويلة التي قد سبق النص عليها من النبي والأئمة (عليهم السلام) قبل وجود هذا الإمام. وليس ذلك أخبار آحاد، بل أخبار جماعة لا يحتمل تواطؤهم (2) على الكذب، بلغوا حد التواتر.
ب (3) - إنا لسنا نستنتج من إثبات رؤيته، إثبات غيبته وتعميره وصحة إمامته، إذ الرؤية ليست بشرط في ثبوت ذلك له، إنما نستنتج (4) ذلك من البراهين العقلية والأدلة الصحيحة (5) النقلية.
أليس أمر الدين كله إنما يعلم بالاستدلال. ألسنا عرفنا الله تعالى بالأدلة ولم نشاهده، (ولا أخبرنا عنه من [شاهده] (6)، وعرفنا النبي صلى الله عليه وآله وكونه