فكان لا يجد بدا من قوله لك: نعم.
ثم تقول له: فكان (1) الواجب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2) أن يخرجهم جميعا على الترتيب إلى الغار، ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر، ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم وتخصيصه أبا بكر بإخراجه مع نفسه دونهم.
ولما قال: أخبرني عن الصديق والفاروق، أسلما طوعا أو كرها؟
[لم] (3) لم تقل له: أسلما طمعا. وذلك أنهما كانا يجالسان اليهود، ويستخبرانهم عما كانوا يجدونه في التوراة وفي سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصة محمد (صلى الله عليه وآله) ومن عواقب أمره، فكانت اليهود تذكر أن محمدا (صلى الله عليه وآله) يتسلط على العرب كما كان بخت نصر مسلطا على بني إسرائيل، ولا بد له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصر ببني إسرائيل، غير أنه كاذب في دعواه: أنه نبي، فأتيا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فساعداه على (قول: لا إله إلا الله، الشهادة بالوحدانية، وتابعاه على) (4) أن ينال كل واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أموره واستتبت (5) أحواله، فلما أيسا من ذلك تلثما (6) وصعدا العقبة مع عدة من أمثالهما على أن يقتلوه، فدفع الله كيدهم وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا، كما أتى طلحة والزبير عليا (عليه السلام) فبايعاه وطمع كل واحد منهما أن ينال ولاية بلد من جهته، فلما أيسا نكثا بيعته وخرجا عليه، فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباهما من الناكثين.