____________________
الصغرى على أن وجود الثاني مشروط بوجود الأول وانقضائه فالقدح في الكبرى والقول بالقدم تناقض لا يجئ عن عاقل فضلا عن مجتهد مثل الإمام أحمد بن حنبل والظاهر أن مراده التعاقب في الترتيب كالمكتوب في المصحف على ما أشرنا إليه في أوائل الكتاب فحينئذ يكون مذهبه عين مذهب السلف الذي سيذكره في آخر البحث ويكون اشتراط وجود كل حرف بانقضاء الآخر بالنظر إلينا لعدم مساعدة الآلة كما سيصرح به (قوله حتى قال بعضهم جهلا الجلد والغلاف قديمان) كأنهم يزعمون أن الجلد والغلاف كانا كامنين قديمين فبرزا بعمل المجلد وأما ما نقل عن بعضهم من أن الجسم الذي كتب به القرآن فانتظم حروفا ورقوما هو بعينه كلام الله تعالى وقد صار قديما بعدما كان حادثا فمعناه قد ظهر قدمه بعدما كان في صورة الحادث وعلى أي معنى حمل كلامهم لا يخرج عن كونه من آثار جهلهم (قوله فإن حصول كل حرف مشروط بانقضاء الآخر) الظاهر أن مراده من كل ما سوى الحرف الأول فإنه غير مشروط بانقضاء الآخر إذ أوليس قبله حرف ولذا استدل على حدوث الحرف الآخر بأن له انقضاء لا بأن لها أول كما في الحرف المتوسط مع أن استدلاله ذلك مبنى على أن ما ثبت قدمه امتنع عدمه وإلا فلا دلالة للانقضاء على الحدوث (قوله لكنهم زعموا أنها قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث به تعالى) هذا يدل على أن الكرامية يقولون قيام مجموع الكلام اللفظي مع حدوثه بذاته تعالى وقد صرح في مباحث التنزيهات بأنهم إنما يقولون بقيام قول كن أو الإرادة فبينهما تدافع ثم المذكور في شرح المقاصد أن كلام الله تعالى عند الكرامية قدرته على التكلم وهو قديم وأما المنتظم من الحروف المسموعة فهو قول الله تعالى لا كلامه وإن كان حادثا قائما بذاته تعالى لكن ما ذكر في الكتاب موافق لما في أبكار الأفكار