إحدى المسئلين والأخرى في أخرى كما فيما نحن بصدده وإليه أشار بقوله (وهذا القول الثالث إنما هو التفصيل وهو القول بالجواز والقول بعدم الوقوع وشئ منهما لا يخالف الاجماع) ولا يخرقه (بل كل واحد) من قول التفصيل (مما قال به طائفة) من طائفتي المجمعين وإن كان خارقا لما قال به الطائفة الأخرى (وذلك) الذي ذكرناه في مسئلتنا هذه (كما في مسألة
قتل المسلم بالذمي والحر بالعبد فإن القائل قائلان مثبت لهما معا كالحنفية (وناف لهما) معا كالشافعية (والتفصيل) بينهما مما لم يقل به أحد من الأمة ولكن لو قيل به (لا يكون خارقا للإجماع) بل موافقة للمثبت في مسألة وللنافي مسألة أخرى (ولا) يكون هذا التفصيل (ممنوعا عنه) بل يكون جائزا (بالإجماع) فهذا المسلك في إثبات الوقوع مردود (والمعتمد فيه مسلكان) المسلك الأول قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وجه الاحتجاج) بالآية
الكريمة (أن النظر في اللغة جاء بمعنى الانتظار ويستعمل بغير صلة) بل يتعدى بنفسه (قال تعالى انظرونا نقتبس من نوركم) أي انتظرونا وقال ما ينظرون إلا صيحة واحدة أي ما ينتظرون ومنه قوله تعالى فناظرة بما يرجع المرسلون أي منتظرة وقول الشاعر وأن يك صدر هذا اليوم ولى * فإن غدا لناظره قريب أي لمنتظره (و) جاء (بمعنى التفكر) والاعتبار (ويستعمل) حينئذ (بقي يقال نظرت في الأمر الفلاني) أي تفكرت واعتبرت (و) جاء (بمعنى الرأفة) والتعطف (ويستعمل) حينئذ (باللام يقال نظر الأمير لفلان) أي رأف به وتعطف (و) جاء (بمعنى الرؤية ويستعمل بالي قال الشاعر نظرت إلى من أحسن الله وجهه * فيا نظرة كادت على وامق يقضى
____________________
ويمكن أن يقال النقض بالملموسية المطلقة سواء كان بالذات أو بالتبع فتأمل (قوله ويستعمل بإلى الخ) فإن قلت قد يستعمل النظر بها كما في قوله تعالى فنظرة إلى ميسرة مع أن النظر ههنا بمعنى الامهال والتسويف قلت لفظة إلى في الآية الكريمة ليست صلة للنظر بل لبيان المدة (قوله على وامق يقضى) قضى عليه أي قبله والوامق من المقة وهي المحبة والهاء عوض من الواو ومقه يمقه بالكسر فيهما أي أحبه فهو وامق وما قيل من أنه اسم عاشق معروف يكنى به عن المطلق كالحاتم عن الجواد لا أعرف له وجه صحة إذ بعد تسليم تأخر الشاعر عن الوامق المشهور لا وجه للمصير إليه بعد ما ثبت أن المكنى عنه يزعمه معنى حقيقي للفظ إن قلت العشق فرط الحب لا نفسه قلت