شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٤٣
تعلق قدرة الآخر) وإرادته (فيكون هذا عاجزا) فلا يكون إلها (هذا خلف) لأنه خلاف المقدر وقد مر أنه يمكن إثبات الوحدانية بالدلائل النقلية لعدم توقف صحتها على التوحيد (واعلم أنه لا مخالف في هذه المسألة إلا الثنوية) دون الوثنية فإنهم لا يقولون بوجود إلهين واجبي الوجود ولا يصفون الأوثان بصفات الإلهية وإن أطلقوا عليها اسم الآلهة بل اتخذوها على أنها تماثيل الأنبياء أو الزهاد أو الملائكة أو الكواكب واشتغلوا بتعظيمها على وجه العبادة توصلا بها إلى ما هو إله حقيقة وأما الثنوية فإنهم (قالوا نجد في العالم خيرا كثيرا وشرا كثيرا وأن الواحد لا يكون خيرا شريرا بالضرورة فلكل) منهما (فاعل) على حدة فالمانوية والديصانية من الثنوية قالوا فاعل الخير هو النور وفاعل الشر هو الظلمة وفساده ظاهر لأنهما عرضان فيلزم قدم الجسم وكون الإله محتاجا إليه وكأنهم أرادوا معنى آخر
____________________
هذا عاجزا فإن قلت جاز أن يكون المانع عن ذلك عدم المصلحة في الضد الآخر قلت كون الإرادة تابعة للمصلحة ممنوع وأما ما يقال بعد تسليمه من أنا نفرض الكلام في ضدين استوت وجوه المصلحة فيهما ولا شك في إمكان ضدين كذلك غايته أنه لم يثبت وجودهما ولا ضير فإن الفرض يكفينا فقد يناقش فيه بأنه يحتمل أن يكون عدم التخالف عند استواء المصالح فيهما من جملة المصالح وإن أمكن أن يدفع عن أصل الدليل بفرض الإرادتين معا فليتأمل فإن (قلت) لا نسلم لزوم العجز فإن تعلق قدرة أحدهما جعل تعلق قدرة الآخر ممتنعا ولا عجز في مثله قلت قد عرفت مما سبق الآن اندفاعه وبهذا أيضا يندفع منع لزوم عجزهما على تقدير عدم حصول مرادهما بناء على أن تعلق القدرتين أخرجهما عن حد الإمكان فليتدبر (قوله لا يقولون بالهين واجبي الوجود الخ) فعدهم من المشركين لقولهم بتعدد المستحق للعبادات لا لقولهم بواجبي الوجود (قوله فالمانوية والديصانية من الثنوية قالوا الخ) لا فائدة في التخصيص فإن المزدكية أيضا قالوا بذلك أما المانوية فهو أصحاب ماني بن ماني الحكيم الذي ظهر في زمان شابور ابن أردشير وقتله بهرام بن هرمز بن شابور بعدما بعث عيسى عليه السلام وهم معتقدون في الشرائع والأنبياء وأن أول مبعوث بالحكمة والنبوة آدم عليه السلام ثم شيث ونوح وإبراهيم وزرداشت والمسيح ويونس ومحمد صلوات الله عليه وعلى سائر أنبيائه وكانوا يوجبون في اليوم والليلة أربع صلوات ويحرمون الزنا والقتل والسرقة والكذب والسحر وعبادة الأوثان وغير ذلك وأما الديصانية فهم أصحاب ديصان ومعتقدهم معتقد المزدكية أصحاب مزدك الذي ظهر في زمن نوشروان وهو قدم النور والظلمة على الوجه الذي اعتقده المانوية إلا أن المزدكية يقولون النور عالم حساس وأنه يفعل ما يفعل بالقصد والاختيار بخلاف الظلام فإنه جاهل أعمى وإن ما يفعله بحكم الاتفاق والخبط والديصانية يخالفونهم في ذلك ويقولون ما يحدث من الشر كأن عن الظلام بطبعه لا بحكم الاتفاق وللثنوية فرقتان أخريان يقال لهم المرقونية والكمونية أما المرقونية فقد وافقوا من تقدم ذكره في إثبات النور والظلمة وخالفوه في إثبات أصل ثالث هو المعدل الجامع بين النور والظلمة قالوا وذلك الأصل دون النور في المرتبة وفوق الظلمة وأما الكمونية فقالوا أصول العالم ثلاثة النار والماء والأرض فالنار خير بطبعها يصدر منها الخيرات المحضة والماء ضدها يصدر منه الشرور المحضة وما كان متوسطا فمن الأرض وهؤلاء هم المعتقدون في النار وعن مذهبهم نشأ اتخاذ بيوت النيران في البلدان وعبادتها تعظيما لها (قوله وكأنهم أرادوا الخ)
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344