شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٤١
هناك أمر ثالث مقتضيا لهما معا حتى يتلازما لأجله (فيجوز الوجوب بلا تعين وإنه محال) إذ يستحيل أن يوجد شئ بلا تعين (و) يجوز (التعين بلا وجوب فلا يكون) ذلك التعين الموجود (واجبا لذاته) لامتناع الواجب بدون الوجوب (وهذا أيضا بناء على كون الوجوب ثبوتيا) ليتحقق كونه نفس الماهية (وأما الثاني) وهو أن الوجوب إذا كان هو المقتضى للتعين امتنع التعدد (فلما علمت أن الماهية المقتضية لتعينها ينحصر نوعها في شخص) واحد ولذلك لم يتعرض له (وأما المتكلمون فقالوا يمتنع وجود إلهين مستجمعين لشرائط الإلهية لوجهين * الأول لو وجد إلهان قادران) على الكمال (لكان نسبة المقدورات إليهما سواء إذا المقتضي للقدرة ذاتهما وللمقدورية الإمكان) لأن الوجوب والامتناع يحيلان المقدورية (فتستوي النسبة) بين كل مقدور وبينهما (فإذا يلزم وقوع هذا المقدور المعين أما بهما وإنه باطل لما بينا من امتناع مقدور بين قادرين وأما بأحدهما ويلزم الترجيح بلا مرجح) فلو تعددت الآلهة لم يوجد شئ من الممكنات لاستلزامه أحد المحالين أما وقوع مقدور بين قادرين
____________________
الوجوب بدون العكس فلم يلتفت إليه لما عرفت من أنه غير مطابق للواقع والأوجه أن يقال المفروض أولا هو عدم استلزام الوجوب التعين وهو أعم من عدم العلية لأن العلية تتناول التامة المستلزمة والناقصة الغير المستلزمة ونقيض الأعم أخص مطلقا من نقيض الأخص فلا يلزم من فرض عدم الاستلزام فرض عدم العلية لأن فرض الأعم لا يستلزم فرض الأخص ويكفي في لزوم الدور العلية في الجملة بأي وجه كان (قوله ويجوز التعين بلا وجوب) أي يجوز تحقق التعين في شئ بلا وجوب قائم بذلك الشئ إذ المفروض عدم اللزوم بين الوجوب والتعين المجتمعين فيه وليس المراد جواز التعين بلا وجوب قائم به فلا غبار في تفريع قوله فلا يكون ذلك التعين واجبا كما توهم بناء على أن الواجب من له الوجوب لا ما يقارن ماله الوجوب وأن المدعى وجوب الكل لا التعين فعدم وجوبه غير محذور ولا احتياج إلى بناء التفريع على امتناع الماهية الحقيقة بدون الاحتياج بين الأجزاء كما مر على أن في جواز افتراق الأجزاء جواز عدم الكل كما لا يخفى (قوله وللمقدورية الإمكان ظاهره أنه معطوف على معمولي عاملين مختلفين والمجرور مقدم والتقدير والمقتضى للمقدورية الإمكان فيعترض عليه بمنع اقتضاء الإمكان للمقدورية بل إنما هو علة الحاجة إلى المؤثر والمؤثر إما موجب أو قادر والجواب أن إقحام القدرة في البين لما ثبت بالبرهان من قدرة الصانع وإلا فخصوصية القدرة مما لا يتوقف عليه الاستدلال إذ يكفي أن يقال لو وجد إلهان لكان نسبة المعلولات إليهما سواء لأن المقتضى للعلية ذاتهما وللمعلولية الإمكان ولك أن تقدر المبتدأ أي والمصحح للمقدورية كما سيشير إليه قوله لأن الوجوب والامتناع يحيلان المقدورية (قوله أما بهما) أي بكل منهما لا بمجموعهما إذ المحذور على هذا عدم استقلال واحد منهما لا وقوع مقدور بين قادرين وكأن عدم تعرضه لهذا الشق لظهور بطلانه بناء على كونه مخالفا للمفروض بقوله قادران على الكمال (قوله لاستلزامه أحد المحالين) رد عليه الأستاذ المحقق بأن وجود شئ من الممكنات على تقدير تعدد إلا له لا يستلزم شيئان من المحالين لجواز أن يوجد بأحدهما لتعلق إرادته واختياره دون إرادة الآخر والصواب في تقرير هذا الدليل
(٤١)
مفاتيح البحث: الجواز (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344