في المثاب والمعاقب العلم بذلك الانقطاع فلا يحصل للأول
حزن ولا للثاني فرح على أن قيد الخلوص مما يتطرق إليه المنع أيضا وما يتمسك به من أنه لا بد من انفصالها عن مضار الدنيا ومنافعها ولا تنفصل إلا بالخلوص ضعيف (ثم) إنا بعد تسليمنا لما ذكرتم من صفات الثواب والعقاب نقول (إنه قد يتساقطان) فإن كلامكم مبني على المحابطة وحينئذ جاز أن يتساقط الاستحقاقان معا (ويدخل) صاحب الكبيرة (الجنة تفضلا كما قال تعالى) حكاية عن أهل الجنة (الذي أحلنا دار المقامة من فضله) وما يقال من أنه يلزم حينئذ التسوية بين الجزاء والتفضل ممنوع لجواز أن يختلفا من وجه آخر (أو) نقول (بترجح جانب الثواب) على جانب العقاب (لأن السيئة لا تجزى إلا بمثلها والحسنة تجزى بعشر أمثالها إلى سبعمائة) من الأمثال (ويضاعف الله لمن يشاء) أضعافا مضاعفة بغير حساب (واستعانوا) بعد إقامة ذلك الدليل العقلي (من النقل بوجهين الأول بآيات تشعر بالخلود كقوله تعالى من
كسب سيئة وأحاطت به خطيئة فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وقوله ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وقوله ومن
بقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها قالوا والخلود حقيقة في الدوام لقوله تعالى وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد مع أنه تعالى قد جعل لكثير منهم المكث الطويل) فلو حمل الخلود على المكث الطويل لم تصدق هذه الآيات (والجواب لا نسلم إن من له حسنات من الإيمان والطاعات فقد أحاطت به خطيئته) بل من أحاطت به خطيئته لا يكون له حسنة أصلا ومن كانت له حسنات كانت خطيئته من بعض جوانبه لا محيطة به (ولا نسلم (أن من اكتسب كبيرة فقد تعدى حدوده بل) تعدى (بعض حدوده والمراد) بالآية الثالثة من (
قتل مؤمن لأنه مؤمن ولا يكون ذلك
القاتل إلا كافرا) فالآيات المذكورة لا تتناول صاحب الكبيرة (سلمنا)
____________________
لانقطاع حينئذ وإنه كعدمه وجواز كونه مشتملا على فائدة وحكمة لا نعرفها مما لا شك في بعده قلت أوليس المراد عدم خلق العلم بالانقطاع بعد وقوعه حتى يرد ما ذكرتم بل المراد عدم خلق العلم بانقطاع العقاب مثلا حال كونه معاقبا حتى ينتفع بملاحظة هذا الانقطاع وينافي الخلوص (قوله وما يتمسك به الخ) حاصل التمسك إن الثواب والعقاب لا يتميزان عن مضار الدنيا ومنافعها إلا بأن الدنيوية غير خالصة عن الضد فيكونان خالصين ووجه الضعف ظاهر لجواز أن يكون كل غير خالص عن المخالف مع الامتياز بوجوه أخر فضلا عن الوجه الواحد (قوله فإن كلامهم مبني على المحابطة) فيه بحث إذ سيصرح في المقصد السابع إن قصة الاحباط مبنية على استحقاق العقاب ومنافاته للثواب فبناؤه عليه دور اللهم إلا أن يقال معنى البناء على المحابطة إنه لا يتم إلا بالقول بها أولا وآخرا فليتأمل