بالعقاب عليها (فلو لم يعاقب) على الكبيرة وعفى (لزم الخلف في وعيده والكذب في خبره وأنه محال * الجواب غايته وقوع العقاب فأين وجوبه) الذي كلامنا فيه إذ لا شبهة في أن عد الوجوب مع الوقوع لا يستلزم خلفا ولا كذبا لا يقال إنه يستلزم جوازهما وهو أيضا محال لأنا نقول استحالته ممنوعة كيف وهما من الممكنات التي تشملها قدرته تعالى (الثاني إنه إذا علم المذنب) أي المرتكب للكبيرة (أنه لا يعاقب على ذنبه) بل يعفي عنه لم ينزجر عن الذنب بل (كان ذلك تقريرا له على ذنبه) وعدم التوبة عنه (و) كان (إغراء للغير عليه وأنه قبيح مناف لمقصود الدعوة) إلى الطاعات وترك المنهيات (الجواب
منع تضمنه) أي تضمن عدم وجود العقاب (للتقرير والإغراء إذ شمول الوعيد وتعريض الكل العقاب وظن الوفاء بالوعيد فيه من الزجر والردع ما لا يخفى واحتمال العفو عن البعض احتمالا مرجوحا لا ينافي ذلك) يعني أن الوعيد عام يتناول كل واحد من المذنبين بظاهره الذي يقتضي
ظن الوفاء به في حقه فيحصل لكل منهم
الظن بكونه معاقبا بذنبه وذلك كاف في زجر العاقل عن استقراره على ذنبه بعدم التوبة عنه وفي ردع غيره عن اقترافه وأما توهم العفو الناشئ من عدم وجود العقاب فاحتمال مرجوح لا يعارض
ظن العقاب المقتضي للانزجار فقد ظهر أن المذنب لا علم له بأنه لا يعاقب بل ولا
يظن ذلك ظنا فلا تقرير ولا إغراء (البحث الثاني) قالت
المعتزلة والخوارج صاحب الكبيرة) إذا لم يتب عنها (مخلد في النار ولا يخرج عنها أبدا وعمدتهم) في إثبات ما ادعوه دليل عقلي هو (أن الفاسق يستحق العقاب) بفسقه (واستحقاق العقاب) بل العقاب (مضرة خالصة) لا يشوبها ما يخالفها (دائمة) لا تنقطع أبدا (واستحقاق الثواب) بل الثواب (منفعة خالصة) عن الشوائب (دائمة والجمع بينهما) أي بين استحقاقهما (محال) كما أن الجمع بينهما محال فإذا ثبت للفاسق استحقاق العقاب وجب أن يزول عنه استحقاق الثواب فيكون عذابه مخلدا (الجواب
منع الاستحقاق) فإن المطيع لا يستحق بطاعته ثوابا والعاصي لا يستحق بمعصيته عقابا إذ قد ثبت أنه لا يجب لأحد على الله حق وقد أجبنا عن دليل
وجوب العقاب آنفا (ومنع قيد الدوام) لا يقال إذا كانت المضرة أو المنفعة منقطعة لم تكن خالصة لأنا نقول ذلك ممنوع لجواز أن يخلق الله تعالى
____________________
(قوله واستحقاق العقاب) أي العقاب المستحق كما في قولهم حصول الصورة فلا اتجاه لقوله بل العقاب إن لم يرد به بيان حاصل المعنى كما يشعر به لفظة بل (قوله لجواز أن لا يخلق الله تعالى الخ) فإن قلت لا فائدة لذلك