حتى يبقي من أحد الاستحقاقين بقية بحسب رجحانه فليس الكاسر والمنكسر واحدا كما لم يتحدا في المزاج أيضا * (تذنيب * قد اتفق
المعتزلة) أي الجبائيان وأتباعهما (على أنه لا يتساوى الثواب والعقاب) أي لا يتساوى الطاعات والزلات (وإلا تساقطا) إذ لا
يجوز بقاؤهما معا لما مر من التنافي بين الثواب والعقاب وبين استحقاقيهما أيضا ولا
يجوز إسقاط أحدهما بالآخر لتساويهما فرضا وإذا تساقطا معا (فلا يكون ثمة ثواب ولا عقاب وأنه محال فعند الجبائي عقلا) لأن إبطال كل منهما للآخر أما معا أو على التعاقب وكلاهما محال لما
عرفت (وعند أبي هاشم) إن العقل لا يدل على امتناع التساوي إذ ما من مرتبة من مراتب الطاعات إلا ويجوز العقل بلوغ المعاصي إليها وبالعكس ولا استحالة من جهة العقل في تساقطهما أيضا لأن كل واحد من العملين يؤثر في استحقاق الآخر كما مر إنما استحالته (للإجماع على أن لا خروج) للمكلف (عنهما) بل كل مكلف إما من أهل الجنة أو النار ولا بد له من الخلود في إحديهما ولا يتصور وقوع أحد الخلودين مع التساوي في الموجب وإنما فسرنا
المعتزلة بالجائيين وأتباعهما لما سلف من أن جمهورهم ذهبوا إلى إحباط جميع الطاعات بمعصية واحدة وحينئذ فإحباط المعصية للطاعة المساوية لها يكون عندهم أولى (والجواب لم لا
يجوز) على تقدير تساوي الطاعات والمعاصي (أن يثاب لما مر من أن جانب الثواب أرجح) فإن الحسنة تجزى بعشر أمثالها والسيئة لا تجزى إلا بمثلها (و) أيضا على تقدير التساوي والتساقط معا لا يلزم خلو المكلف عن الثواب والعقاب (لجواز التفضل) بالثواب عندنا (ويجوز) أيضا (أن لا يثاب ولا يعاقب و) لا يكون من أهل الجنة ولا النار بل (يكون) أي من استوت طاعاته ومعاصيه (من أهل الأعراف كما ورد به الحديث الصحيح ويجوز) أيضا (أن يجمع له بين الثواب والعقاب كما يرى أحدنا يدوم له غمه) من جهة (وفرحه) من
____________________
لما يرد هذا (قوله بأن كل واحد من العملين يؤثر في الاستحقاق الخ) والحق إنه أوليس ههنا تأثير وتأثر حقيقي بل معنى إحباط الطاعة أن الله تعالى لا يثيب عليها ومعنى الموازنة أنه تعالى لا يثيب عليها ويترك العقوبة على المعصية بقدرها فلا محذور (قوله وإلا تساقطا) فيه بحث لأن هذا الكلام إنما يلائم تقرير الآمدي لا تقرير الإمام الذي اختاره المص لأن مذهب الجبائي على هذا قوة المتأخر حتى يحبط السابق بقدره ويبقي نفسه فلا يلزم على تقدير تساويهما تساقطهما بل التأخر يحبط السابق ويبقي نفسه (قوله فإن الحسنة تجزى بعشر أمثالها الخ) فيه بحث أشرنا إليه سابقا وهو أن المساواة والمفاوتة عندهم ليست باعتبار العدد بل بالنظر مقادير الأجور والأوزار فالمساواة الممنوعة عندهم هي هذه بعينها يعني مقابلة عشر سيئات بحسنة مثلا وإذا حمل التساوي